الدولة : المزاج : الابراج : عدد المساهمات : 2108 تاريخ الميلاد : 24/04/1996تاريخ التسجيل : 06/05/2011العمر : 28
الموقع : سوريا لايف
الاوسمة :
موضوع: أوباما يؤرجح نتنياهو الثلاثاء يوليو 26, 2011 11:15 pm
أوباما يؤرجح نتنياهو
جلس رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في ديوانه في القدس، وعليه أن يقرر من يكون بني بيغن (القدس لن تقسم ثانية)، أم أوري أفنيري (دولتان لشعبين). والقرار أصعب من أن يتخذ. نقاش آخر في الهيئة السباعية، مكالمة هاتفية أخرى من واشنطن، مشاورة تالية مع زوجته والمقربين. والوقت ينفد. هيلاري كلينتون تطلب أجوبة على إنذارها، في أيباك ينتظرون معرفة ما إذا كان رئيس الحكومة سوف يحضر المؤتمر بعد غد. وماذا تقول استطلاعات الرأي التواقح أمام باراك أوباما، أم التراجع خشية غضب أمريكا؟ كيف تتنازل للأمريكيين، لأنه ليس أمامك مفر، ولا تبدو ممسحة ومهاناً في إسرائيل. فنتنياهو (زعيم قوي) ويجب أن يحافظ على صورته هذه. كم كان لذيذاً لمناحيم بيغن، والد بني، أن يعظ أخلاقياً السفير الأمريكي. ويسأل ( هل إن إسرائيل دولة مصطنعة؟ هل هي جمهورية موز؟ هل نحن صبية في ال 14 من أعمارنا نتعرض للضرب بالمسطرة على الأصابع إذا لم نتصرف جيداً؟). حينئذ غضبت الإدارة الأمريكية من قانون ضم هضبة الجولان وطالبت بإلغائه، ولم يخضع بيغن وقال (إن آباءنا صعدوا إلى البؤرة من أجل أن لا يتنازلوا عن رأيهم)! ولكن تلك كانت أيام أخرى، ونتنياهو ليس بيغن. إنه أكثر اتزاناً وأقل شجاعة. والأزمة في العلاقات مع إدارة أوباما ضبطت نتنياهو في وقت سيئ. لقد كان ينتظر المواجهة في أيلول، بعد انتهاء فترة التجميد في المستوطنات، عندما يكون أوباما ورجاله غارقين في المعركة الانتخابية للكونغرس. في ظروف كتلك، أمل نتنياهو أن يخرج أقوى وأن يتهرب من الطلب المتوقع لتمديد غير محدود لحظر البناء. غير أن إهانة نائب الرئيس جو بايدن في زيارته لإسرائيل، بالإعلان عن خطة البناء في رامات شلومو، منحت الإدارة فرصة لإدارة المواجهة الآن، وفي ظروف مريحة لها. وبدلاً من التصارع مع إسرائيل وأنصارها في أمريكا على (حق اليهود في السكن في أرض إسرائيل)، نشب الصراع حول الكرامة القومية للولايات المتحدة وحول المساس بمؤسسة الرئاسة. والجدول الزمني الذي عرض في إيجازات الناطقين بلسان الإدارة يؤكد رواية نتنياهو بأن أوباما نصب له (كميناً) دبلوماسياً. ففي يوم الخميس الفائت نشر ديوان رئاسة الحكومة بلاغ الاعتذار عن التوقيت البائس ل(تقديم إجراءات التخطيط) في رامات شلومو. وصعد بايدن للخطابة في جامعة تل أبيب تقريباً في الثانية عشرة والنصف. وكل من سمع الخطاب في شبكة الإنترنت، إذ بث على موقع استأجرته السفارة الأمريكية، تعرض إلى جانب فيديو نائب الرئيس لنقاش نشط من المبحرين كان يطفح بالعبارات اللاسامية والدعوات لإبادة إسرائيل. وبايدن، بداهة، لم يعلم بذلك وألقى خطاباً صهيونياً متحمساً، ووصف نتنياهو ب(الصديق الشخصي القريب). وكانت لرئيس الحكومة كل الأسباب لتصديق أن الأزمة انتهت، كما قال. ولكن حينذاك استيقظوا على نهار عمل جديد في واشنطن. إذ عقد أوباما لقاء العمل الأسبوعي له مع وزيرة الخارجية كلينتون، وفيه تقرر إهانة نتنياهو بالمقابل. توبيخ هاتفي شديد من كلينتون يوم الجمعة، ينشر محتواه بشكل بارز. وفي اليوم التالي، بعد أن خرج بايدن من إسرائيل عائداً إلى أمريكا، وجهت الضربة لنتنياهو بأن قامت كلينتون بعرض قائمة المطالب الأمريكية عليه إلغاء المشروع في رامات شلومو، تقديم مبادرات (جوهرية) لأبي مازن، الموافقة على البحث، الآن، في كل القضايا الجوهرية (أي في تفكيك المستوطنات، في تقسيم القدس وفي عودة اللاجئين الفلسطينيين، وليس فقط في الترتيبات الأمنية). باختصار، كل ما يكرهه (المعسكر القومي)، كل ما يجنّن أبناء عائلة رئيس الحكومة وشركائه الائتلافيين. ووفق كل الشارات، فإن نتنياهو فوجئ من شدة الصفعة التي تلقاها. وقد تجاهل تحذيراته لنفسه، بأن مستشاري أوباما يريدون إسقاطه عن الحكم، والتقديرات بأن الإدارة تؤيد المواقف الفلسطينية في الطريق لاستئناف المفاوضات، ومن الرفض الأمريكي تنسيق المواقف مع إسرائيل. وكان رد فعله الطبيعي هو الوقوف بثبات. لذلك انحرف يميناً، حاول أن يجند اللوبي اليهودي ضد البيت الأبيض، وأعلن أن البناء في شرقي القدس سيستمر وأن البناء في المستوطنات سيستأنف في نهاية فترة التجميد. ولم يتراجعوا في الإدارة الأمريكية بل إنهم أشهروا سلاح يوم القيامة اتهام نتنياهو بتعريض أرواح الجنود الأمريكيين للخطر في الشرق الأوسط. وفي يوم الأحد نشروا في موقع مجلة (فورين بوليسي) التوجيه الداخلي لقائد القوات الأمريكية في المنطقة، الجنرال ديفيد بترايوس، من السادس عشر من كانون الثاني. وقد أرسل بترايوس ضابطين من القيادة الوسطى إلى واشنطن، لإبلاغ رئيس الأركان المشتركة، الأدميرال مايكل مولن، بأن العناد الإسرائيلي مع الفلسطينيين يعرّض للخطر مكانة أمريكا في نظر حلفائها العرب. وقال بترايوس إن أوباما ينظر إليه كرجل ضعيف غير مؤهل للوقوف في وجه نتنياهو، وإن العرب يفقدون الثقة بوعود الإدارة. وكرر بترايوس هذه الأقوال، بصيغة ملطفة، في شهادته أمام الكونغرس يوم الثلاثاء. ولكلامه وزن هائل بسبب هيبة المتحدث، فهو القائد الممتاز ل(التعزيزات) في العراق، وهو مرشح محتمل للرئاسة من جانب الجمهوريين. وليس هناك جندي محبوب أكثر من بترايوس في أمريكا. وقد أخذ إسرائيليون التقوا به مؤخراً انطباعاً بأنه ودود تجاه إسرائيل. وهم لا يؤيدون رأي المدير العام للرابطة ضد التشهير والمؤيد المتحمس لنتنياهو في المواجهة مع الإدارة، إيف فوكسمان، الذي اتهم الجنرال الشعبي باللاسامية. ورسالة بترايوس ليست جديدة. فقد سبق لزميلي الراحل زئيف شيف أن كتب في تشرين الثاني 1996 عن الإحباط واليأس في إدارة كلينتون من رئيس الحكومة الجديد، حينذاك، نتنياهو. وقد تساءل الأمريكيون حينذاك، مثلما يتساءلون اليوم، عن ماهية نتنياهو الحقيقية هل هو زعيم براغماتي مستعد للتقدم بالعملية السلمية، أم أيديولوجي متعصب مثل بيغن أو إسحق شامير، لا يسعى إلا إلى كسب الوقت (والرأي الغالب اليوم يميل إلى الخيار الثاني). وحينذاك، كما هي الحال اليوم، حذروا من أن العناد الإسرائيلي يقوض الموقف الأمريكي في المنطقة ويعرقل مساعي كبح إيران والعراق. وآنذاك واليوم يشتكون من أنه ليس ثمة من يمكن التحدث إليه في ديوان رئيس الحكومة، ويستخدمون وزير الدفاع من أجل نقل الرسالة المقلقة لإسرائيل. واللغز لم يحل نتنياهو مرر ولايته الأولى بالتأرجح غير المتوقف بين الموقفين، المساوم والمتصلب، إلى أن سقط عن الحكم. وإدارة أوباما وقعت في الحيرة نفسها في ظروف أسوأ فالرئيس وصف بأنه تراجع أمام نتنياهو في قضية التجميد، وبدا كمن وافق على البناء في القدس الشرقية. وإذا تنازل مرة أخرى، فإنه سيبدو أمام العالم كممسحة. لذلك فإن أوباما يحاول أن يفرض على نتنياهو التوجه للحسم الآن وهنا. بيغن أم أفنيري. والوقت ينفد، وليس ثمة مخرج.