الدرس الخامس
مقاومة الحكم العثماني (1)
اولا-اسباب مقاومة الحكم العثماني وحركات التمرد :
1-فساد السلاطين وانشغالهم عن مصالح الرعية وكثرة المظالم
2-طمع بعض الولاة وبعض زعماء الاسر الاقطاعية بالانفصال عن الدولة
3-فساد الاداراة والجيش الانكشاري وظهور الضعف في جسم الدولة العثمانية مما يغري بالثورة عليها
ثانياً:اهم حركات التمرد ومحاولات الاستقلال
1-في بلاد الشام
1-حركة جانبردي الغزالي:هو من قادة المماليك انضم الى السلطان سليم الاول اثناء معركة مرج دابق عام 1516 فاقره – مكافأة له – على ولاية الشام (دمشق) واستقل الغزالي بعد وفاة السلطان سليم الاول عام 1520 م ولقب نفسه الملك الاشرف لكن السلطان سليمان القانوني قضى على تمرده وهزمه في معركة برزة عام 1521 م وكان من نتائج هذا التمرد :
· تنبه الدولة العثمانية الى اهمية ولاية الشام والى اتساعها وقسمها الى ولايتين وهما : ولاية دمشق ,وولاية طرابلس
· فقدان ثقتها بالمماليك فابعدتهم عن مراكز السلطة في بلاد الشام
· اعتمادها في حكم ولايات الشام على ولاة من الاتراك ، ومن العسكريين غالبا ، لتحكمها حكما مباشراً
2- حركة الامير فخر الدين المعني الثاني (1585 – 1635 م) : كان جده فخر الدين الاول – امير منطقة الشوف – قد اعلن ولائه للسلطان سليم الاول عند احتلاله لبلاد الشام فأبقاه في امارته وأعطاه لقب سلطان البر ، ثم قتل في ظروف غامضة وخلفه ابنه الامير قرقماز ، الذي قتل على ايدي ال سيفا (حكام طرابلس) وربما كانت السلطات العثمانية وراء ذلك . وقد نشأ فخر الدين الثاني – ابن قرقماز – ناقما على الدولة الثمانية و تبع سياسة داخلية و خارجية تهدف الى استقلاله عن الاستانة
- داخليا :
1- اهتم بالزراعة و شجع على زراعة الزيتون و التوت لتربية دود القز
2- اهتم بالصناعة و شجع صناعة الحرير الطبيعي و الصابون
3- عمل على تنشيط التجارة و اصلح الموانئ ووطد الامن
4- اسس جيشا حديثا بلغ عدده ( 40 ) الف جندي مدرب و اشترى اسلحته من فلورنسة
خارجيا :
عقد معاهدات تجارية تحولت الى سياسية و عسكرية مع فلورنسة لضمان مساندتها له ثم بدا الامير فخر الدين تنفيذ مخططه العسكري بضرب خصومه في لبنان و في مقدمة هؤلاء ال سيفا فهزموهم و ضم منطقتهم الى حكمه ثم ضم البقاع و مناطق من شمالي فلسطين و شرقي الاردن ثم وصل بتوسعه شمالا حتى اللاذقية و شرقا حتى تدمر لكنه هزم امام والي دمشق – احمد حافظ باشا – سنة 1613م و تراجع حتى البحر و فر الى ايطالية و بقي لاجئا عند حلفائه حكام فلورنسة ( آل ميدتشي ) مدة خمس سنوات
عاد الأمير فخر الدين المعني الثاني سنة 1618 م الى حكم امارته في لبنان بعد ان عفا عنه السلطان و استفاد مما راه من منجزات الحضارة الاوروبية الحديثة فايتقدم الخبراء و اصلح الطرق و الموانئ و زاد في تنشيط الاقتصاد و تقوية الجيش و عندما شعرت الدولة بخطره و اسرعت للقضاء على نمرده قبل ان يتسع و حاصرته في قلعة شقيف و اضطر للاستسلام
و نقل مع افراد اسرته الى الاستانة و تم اعدامه فيها سنة 1635 م
3-حركة الأمير بشير الشهابي الثاني ( 1790 – 1840 ) م
حكم الشهابيون امارة الشوف في لبنان بعد القضاء على المعنيين و اشتهر منهم : الامير بشير الثاني ( 1760 – 1840 )م الذي جعل من بيت الدين مركزا لامارته و اظهر للدولة العثمانية الطاعة و صدق الولاء ووطد الامن و اصلح الطرق و شجع الزراعة و التجارة ووسع ميناء بيروت و دخل في اتفاق مع والي عكا عبد الله باشا 1822 م للتمرد على الدولة و الاستقلال عنها و لكنهما اخفقا و فرا الى مصر ملتجئين الى واليها محمد علي باشا الذي توسط لهما لدى السلطان العثماني ( محمود الثاني ) فعفا عنهما و كان محمد علي يطمع بكسب ودهما طمعا بتاييدهما له في حال فتحه بلاد الشام و هو حلم كان يخطط لتحقيقه منذ زمن
رجع المتمردان كل منهما الى مركز حكمه و بقي الامير بشير معترفا بفضل محمد علي مخلصا له و لذلك انضم الى قوات ابنه ابراهيم عندما قدم الى بلاد الشام فاتحا لها عام 1831 م و بقي مستقلا بامارته حتى نهاية عهد محمد علي في بلاد الشام و عندما تدخلت القوات البريطانية الى جانب الدولة العثمانية وقع الامير بشير اسيرا بيدهم عام 1840 م و تم نقله الى جزيرة مالطة – جنوبي صقيلية – ثم نقل الى الاستانة و بقي فيها حتى وفاته عام 1850 م و هكذا اخفقت حركته في التمرد و توقفت اصلاحاته اما بالنسبة للمتمرد الاخر عبد الله بشا فقد عاد بعد العفو عنه الى حكم عكا و تنكر لمحمد علي ووقف منه مواقف عدائية و انتهى حكمه على يد ابراهيم باشا عندما فتح بلاد الشام و ارسله منفيا الى مصر
4. حركة ضاهر العمر ( 1733 – 1775 ) م :
هو شيخ من قبيلة بني زيدان المقيمة حول بحيرة طبرية قوي نفوذه حين اصبح مسيطرا على منطقة صفد و توسع على حساب ولاية صيدا مستغلا ضعف الوالي و كسب تاييد السلطان له و بعد ذلك وضع يده على مدينة عكا و استفاد من موقعها المطل على البحر المتوسط و متانة حصونها و اسوارها و قد استغل ضعف الدولة العثمانية و انشغالها بحروبها مع روسية فعمد الى اصلاحات تقوية داخليا فوطد الامن و قوى الجيش و زاد في تحصين عكا و نشط الاقتصاد زراعة و صناعة و تجارة اما خارجيا فقد اقام علاقات طيبة مع روسية التي شجعته و وعدته بارسال اساطيلها الى عكا اذا تعرض له السلطان كما اتفق مع حاكم مصر علي بك الكبير في توحيد تمردها ضد السلطان
قطع ضاهر العمر الاموال عن الاستانة و اخفق والي دمشق في اخضاعه و كان يطالب السلطان بالاستقلال الذاتي في عكا ( التي تعني يومئذ معظم فلسطين ) وراثيا و عندما رفض السلطان طلبه اعلن استقلاله عام 1750م ثم شاركه في التمرد و الحرب ضد الدولة علي بك الكبير و عندما تفرغت الدولة لضرب المتمرد ضاهر العمر وجهت اليه احد قادتها احمد الجزار الذي حاصر عكا و لم يلبث ان قتل ضاهر العمر على يد احد رجاله لقاء رشوة السلطان و اقتحم الجزار عكا عام 1775م و جعلها مركزا لولاية صيدا و تولى بنفسه ولايتها
ب.في مصر : حركة علي بك الكبير ( 1768 – 1773 )م :
كان علي بك الكبير من زعماء المماليك في مصر و بيده الحكم الفعلي في ظل السيادة العثمانية قام عام 1768م بطرد الوالي العثماني من القاهرة و اتفق مع روسية التي حرضته و ساعدته ضد الدولة العثمانية الا انها خذلته عندما وقعت معاهدة مع السلطنة حصلت بموجبها على شبه جزيرة القرم و مد علي بك نفوذه الى الحجاز فسيطر على الاماكن المقدسة و اتفق مع الشيخ ضاهر العمر حاكم عكا و شكلا خطرا بتمردهما على السلطان العثماني الذي نجح باستمالة القائد المصري محمد ابو الذهب و كان قد وصل بجيشه قرب دمشق فغادرها و عاد الى مصر و حارب سيده علي بك فهزمه و قتله و حل مكانه واليا لمصر عام 1773م
ج.في العراق : حركة المماليك :
كان العثمانيون قد انتزعوا العراق – كما مر معنا سابقا – من ايدي الصفويين ثم استعاد الصفويون العراق لفترة امتدت بين عامي 1623م حتى 1638م ثم استردها العثمانيون نهائيا في عهد السلطان مراد الرابع و كعادة العثمانيين في الاعتماد على الزعامات المحلية التي اعلنت الطاعة و الولاء فقد ابقوا بعض زعماء المماليك و امراء القبائل في مراكز السلطة في العراق
و في عهد الوالي المصلح حسن باشا الذي تسلم ولاية بغداد عام 1704م قوي مركز المماليك لانه اكثر من شراء المماليك و اعتنى بتدريبهم و كان حسن باشا نموذجا للولات المصلحين فقد وطد الامن خلال حكمه الذي دام عشرين عاما و نشر العدل و خلفه في الولاية ابنه احمد باشا و نجح المماليك بعده باستلام الحكم في بغداد حوالي قرن من الزمن و اشتهر منهم :
سليمان باشا الملقب ( ابو ليلة ) الذي فرض نفوذه على معظم انحاء العراق ووطد الامن و قمع كل تمرد و نعم الناس في عهده بالامن و الاستقرار و لمع بعده اسم ( سليمان باشا الكبير ) الذي بدا في عهده العصر الذهبي للمماليك في العراق و استمر في عهد ( داود باشا ) الذي نجح بقمع بعض الفتن و الثورات و رد غزوات ايرانية و قام باصلاحات اقتصادية و ادخل اول مطبعة الى العراق و قاوم النفوذ البريطاني في الخليج العربي مما دفع بالحكومة البريطانية الى تحريض السلطان ( محمود الثاني ) الناقم على واليه المتمرد فارسل جيشا حاصر بغداد و استسلم داود باشا و انتهى بذلك حكم المماليك في العراق و عاد اليه الحكم العثماني المباشر عام 1831م
ء. في اليمن و اطراف شبه الجزيرة العربية و الخليج العربي :
1- استمرت المقاومة في اليمن منذ بداية الاحتلال العثماني و كان يقودها الائمة الزيديون و بقيت هذه المقاومة حتى نهاية الوجود العثماني في هذه البلاد
2- اما امارات الخليج العربي فكانت السيادة العثمانية فيها اسمية و قد ساعد موقعها على سواحل الخليج العربي و بعدها عن الدولة العثمانية و الظروف السياسية و الدولية على تمتع امراءها باستقلالهم الفعلي
3- الحركة الوهابية :
هي حركة اسلامية اصلاحية ثورية رات في الاصلاح الديني سبيلا الى تحرير البلاد من مساوئ الحكم العثماني و مفاسده اسسها محمد بن عبد الوهاب ( 1703 – 1792 )م الذي نشا في قرية العيينة في نجد و درس القران الكريم و الفقه الحنبلي على يد ابيه و تابع دراسته في البصرة و غيرها من مدن الشرق العربي و كان يتالم لما يشاهده من تخلف المسلمين و انحراف الكثيرين منهم عن جادة الاسلام
فبدا بدعوته التي تقوم على عودة المسلمين الى القران الكريم و السنة الشريفة و محاربة البدع و الخرافات و المحرمات فلقي في منطقته معارضة و اضطهادا الى ان اعتنق افكاره حاكم الدرعية الامير محمد بن سعود فقويت هذه الدعوة على يده و يد ابنه عبد العزيز فسيطر ال سعود و دعوتهم الوهابية على منطقة نجد و الاحساء و سواحل الخليج العربي و وصلت طلائعهم شمالا الى العراق و دخلوا كربلاء عام 1802م و في عهد سعود الثاني وصلوا الى عسير ثم سيطروا على الحجاز فدخلوا مكة و المدينة عام 1804م ووصلت حملاتهم الى اطراف بلاد الشام في حوران عام1810م و صدهم عنها ولاة دمشق و عكا و الامير بشير الشهابي
ادرك السلطان العثماني ( محمود الثاني ) خطورة هذه الحركة و بصورة خاصة عندما استولى رجالها على المدن المقدسة ففقد السلطان بذلك هيبته امام المسلمين و هو خليفتهم و خادم الحرمين الشريفين و حاميها فاستنجد بواليه على مصر محمد علي باشا فاسرع هذا الى تلبية النجدة مستهدفا :
1- ارضاء السلطان و كسب المزيد من ثقته لابقاءه في ولايته
2- التوسع في الجزيرة العربية تحقيقا لحلمه في تاسيس دولة عربية كبرى
3- الظهور اما الدول الاوربية بمظهر الحاكم القوي تشجعه على ذلك حليفته فرنسا لانها تعد توسع محمد علي توسعا لنفوذها و لاضعاف نفذ انكلترا على طريق الهند
ارسل محمد علي باشا حملته بقيادة ابنه طوسون عام 1811م و لم يكتب لها حسم الموقف ثم سار بنفسه و لم يحقق النصر النهائي ايضا ثم ارسل ابنه ابراهيم الذي استعاد الاماكن المقدسة و احتل الدرعية مركز ال سعود و قصفها بالمدفعية و اسر افراد الاسرة الحاكمة و ارسل الامير عبد بن سعود الى الاستانة حيث تم اعدامه و بذلك قضي على الدولة السعودية الاولى
أسئلة الدرس 5
1-ما نتائج تمرد جانبردي الغزالي في دمشق ؟
كان من نتائج هذا التمرد :
· تنبه الدولة العثمانية الى اهمية ولاية الشام والى اتساعها وقسمها الى ولايتين وهما : ولاية دمشق ,وولاية طرابلس
· فقدان ثقتها بالمماليك فابعدتهم عن مراكز السلطة في بلاد الشام
· اعتمادها في حكم ولايات الشام على ولاة من الاتراك ، ومن العسكريين غالبا ، لتحكمها حكما مباشراً
2-ما سياسة فخر الدين المعني الداخلية ؟
1- اهتم بالزراعة و شجع على زراعة الزيتون و التوت لتربية دود القز
2- اهتم بالصناعة و شجع صناعة الحرير الطبيعي و الصابون
3- عمل على تنشيط التجارة و اصلح الموانئ ووطد الامن
4- اسس جيشا حديثا بلغ عدده ( 40 ) الف جندي مدرب و اشترى اسلحته من فلورنسة
3-علل توسع ضاهر العمر في ولاية صيدا ؟
مستغلا ضعف الوالي و كسب تاييد السلطان له
4-ما أهم أعمال داوود باشا في العراق ؟
نجح بقمع بعض الفتن و الثورات و رد غزوات ايرانية و قام باصلاحات اقتصادية و ادخل اول مطبعة الى العراق و قاوم النفوذ البريطاني في الخليج العربي
5-علل تلبية محمد علي للسلطان العثماني لمحاربة الوهابيين ؟
1- ارضاء السلطان و كسب المزيد من ثقته لابقاءه في ولايته
2- التوسع في الجزيرة العربية تحقيقا لحلمه في تاسيس دولة عربية كبرى
3- الظهور اما الدول الاوربية بمظهر الحاكم القوي تشجعه على ذلك حليفته فرنسا لانها تعد توسع محمد علي توسعا لنفوذها و لاضعاف نفذ انكلترا على طريق الهند
6-مع من تحالف ضاهر العمر ليقف في وجه الدولة العثمانية ؟
قد اقام علاقات طيبة مع روسية
8-من أدخل أول مطبعة إلى العراق ؟
داوود باشا
9- ما المبادئ التي نادت بها الحركة الوهابية ؟
تقوم على عودة المسلمين الى القران الكريم و السنة الشريفة و محاربة البدع و الخرافات و المحرمات