تعهدت وكالة الفضاء الأمريكية، ناسا، أن تطلق بحلول الربيع المقبل تلسكوبا جديدا، سيمثل ثورة في عالم المتابعة الفكية، إذ أنه مخصص لالتقاط أشعة "غاما،" مما سيتيح له مراقبة الظواهر الكونية الممتلئة بالطاقة، والتي لا يمكن للتلسكوبات العاملة بالضوء المرئي مراقبتها.
وسيمكن هذا التلسكوب العلماء من مراقبة الثقوب السوداء ومتابعة موت النجوم وولادتها ورصد النجوم النيوترونية وغيرها من الظواهر الكونية.
وسيكون التلسكوب، الذي أطلقت عليه الوكالة الأمريكية اسم "غلاست" أول جهاز من نوعه في تاريخ علم الفلك، ومن خلال قدرته على مسح الأفق بشكل كامل فمن المتوقع أن يقدم معلومات ثمينة حول المادة السوداء الغامضة وأصول نشأة الكون، ذلك إلى جانب اختبار صحة عدد من المسلمات الفيزيائية التقليدية.
ومن الضروري تركيز هذا التلسكوب في الفضاء الخارجي، ذلك لأن غلاف الأرض الجوي يمنع وصول أشعة "غاما" إلى المراصد الأرضية، على ما نقلته الأسوشيتد برس.
ولتحديد مصدر أشعة "غاما" يعتمد التلسكوب على النشاط الإشعاعي نفسه، إذ أن حجم الطاقة الهائل في أشعة "غاما" يتيح لها التحول إلى مادة عند الاصطدام بالتنغستين.
لذلك فقد ثبت العلماء ألواحاً من التنغستين على التلسكوب تتيح ظهور الإلكترونات والبوسترونات على سطحها، مما سيوفر دليلاً على مصدر الإشعاع.
وتشغل أشعة "غاما" بال العلماء منذ زمن بعيد، إذ رغم التقدم التكنولوجي، يبقى مصدر نصف الأشعة المرصودة غير معروف.
وتتسابق عشرات الفرق العلمية حول العالم في محاولة لتحقيق سبق علمي رائد، يتمثل في كشف حقيقة المادة السوداء التي تشكل النسيج الجامع غير المرئي لمجرات الفضاء، وصولاً إلى معرفة طبيعة تركيب أحد أغرب عناصر الكون، المعروف باسم الطاقة السوداء.
يذكر أن علماء الفلك كانوا قد تمكنوا في يوليو/تموز الماضي من رصد ضوء منبعث من النجوم الأولى التي تشكلت في الكون بواسطة أكبر مرصد فكلي في العالم والذي يوجد في جزيرة "بيغ"، إحدى جزر هاواي الأمريكية.
وقال فريق علماء الفلك في جامعة كاليفورنيا للتكنولوجيا، إنهم استخدموا التلسكوب "كيك 2" Keck II القائم على قمة بركان "مونا كيا" لرصد أعماق الفضاء بصورة أفضل وأعمق مما سبق.
وقال العلماء إنهم تمكنوا، عن طريق تكبير مدى التلسكوب الفضائي، من رؤية ضوء تولد عن مجرات تشكلت قبل 13 مليار سنة، وذلك عندما كان عمر الكون آنذاك 550 مليون سنة.