السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
قطوف لغويّة (1)
هل النّخل يسمّى شجرا ؟
بعض أهل العلم أنكر تسميتها شجرة، قال الزّركشي رحمه الله كما في كتاب " عمل من طبّ لمن حبّ ": إنّ قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا هِيَ: النَّخْلَةُ )) إنّما ذلك على سبيل الاستعارة.
والصّحيح الجواز، للحديث أوّلا، ولأنّ العرب نطقت بذلك كما قال الزجّاج، واستدلّ بقول أحدهم:
وأخبث طلـع طلعكـنّ لأهلـه وأَنكـرُها – خُبِّرت - من شجـرات
لماذا لم تُكتَب الألف في "بِــسْمِ" ؟
قال الكافيجي في" شرح قواعد الإعراب " (ص37):
" حذفت الألف لكثرة الاستعمال، وطُوِّلت الباء عوضا منها. قال عبد الله بن دُرُستُويه: خطّان لا يُقاس عليهما: خطّ المصحف وخطّ العَروض ".
الشَّلَوْبِين
إمام من أئمّة اللّغة العربيّة، توفّي عام 645هـ. والشّلوبين بلغة الأندلس: الأبيض الأشقر.
["العبر في أخبار من غبر" (5/186، 187)].
قطوف لغويّة (2)
هل يجوز تعريف كلمة ( غير ) ؟
مذهب سيبويه وأتباعه عدم جواز إدخال ( ال ) على كلمة ( غير ) كما في " الكتاب " (2/135) و" البحر المحيط " (1/128).
وحجّة من أدخل ( ال ) عليها القياس ليس غير، ووجهه أمران اثنان:
الأوّل: ما ذكره الفيّومي- وهو من المانعين لذلك- فقال في " المصباح المنير ":
" اجترأ بعضهم فأدخل عليها الألف واللاّم، لأنّها لمّا شابهت المعرفة بإضافتها إلى المعرفة جاز أن يدخلها ما يُعاقب الإضافة ". اهـ أي: بما أنّها تتعرّف بالإضافة فإنّها تتعرّف بما ينوب عنها وهي ( ال ).
الثّاني: ما ذكره الدّكتور فخر الدّين قباوة في تحقيقه لـ: " شرح قواعد الإعراب " ص 95 فقال: " قلت: ( ال ) هنا ليست للتّعريف، وإنّما هي نائبة عن الضّمير، فـ( الغير ) هنا ( غيرك ) " اهـ.
وفيما ذكروه نظر من وجوه:
الأوّل: أنّ أهمّ شرط لجواز القياس في اللّغة هو انعدام النصّ أو الإجماع.
مثال على ذلك: أنّه لا يجوز الحكم ببناء كلمة ( أيّ ) الموصولة عند انعدام إضافتها، مع أنّ القياس يقتضي البناء.
كذلك لا يجوز إدخال ( ال ) على كلمة ( كلّ ) و( بعض ) و( غير ) بنيّة المضاف إليه، لأنّ العرب لم تفعله مع كثرة الدّاعي إليه.
فانظر في المأثور من الكلام العربيّ: القرآن الكريم بقراءاته المتعدّدة، والسنّة النّبويّة بصحيحها وضعيفها، وأشعار المحتجّ بكلامهم، لا تراهم قد أدخلوا ( ال ) على كلمة ( غير ) ولا ( كلّ ) ولا ( بعض ).
الثّاني: قولهم: إنّ ( ال ) نائبة عن الضّمير لم يذكره المتقدّمون وهم يتحدّثون عن معاني ( ال )، فذكروا المعرّفة، والموصولة، والّتي للغلبة، والزّائدة اضطرارا، والزّائدة لزوما، حتّى ذكروا الزّائدة شذوذا وهي الدّاخلة على الحال والتّمييز، فكيف يُغفلون ( النّائبة عن الضّمير ).
الثّالث: قولهم عن كلمة ( غير ) إنّها نابت عن الضّمير ! يقتضي أنّها تعرّفت بتلك الإضافة، والمقرّر أنّ ( غير ) من الألفاظ المبهمة المتوغّلة في الإبهام الّتي لا تكتسب تعريفا بإضافتها إلى المعارف، إلاّ في مقام خاصّ ليس هذا هو موضع بسطه.
لذلك كان على الخاصّة أن لا يستسلموا لتيار اللّحن الّّذي أضحى يأخذ بهم، لأنّ المعروف أنّ أخطاء اليوم هي صواب الغد، ولحن الخاصّة اليوم هو فصيح العامّة غدا، وسيّئات المقرّبين هي حسنات الأبرار.
والله تعالى أعلم.
معنى ( البارحة ).
برح في اللّغة العربيّة تكون فعلا تامّا بمعنى غادر الشّيء، ومنه قوله تعالى حكاية عن ولد يعقوب عليه السّلام: (( فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي )) [يوسف: 80]، وقوله تعالى: ((وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا )) [الكهف:60].
وتأتي ناقصة بشرط أن تسبق بنفي أو شبهه، كقوله تعالى حكاية عن عُبّاد العجل من بني إسرائيل: (( قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى )) [طـه:91]
وكلمة ( البارحة ) اسم فاعل مؤنّث من الفعل ( برح ) بمعنى ذهب وغادر.
والمؤنّث الّّذي تشير إليه الكلمة هو " اللّيلة " الّتي مضت.
ولو أُرْخِي لنا العنان لأطلقنا هذه الكلمة على كلّ ليلة مضت في أيّ وقت تكلّمنا بذلك، ولكن للعربيّة كلمتها، ولألفاظها دقّتها، فالعرب لا تطلق هذه الكلمة إلاّ على أقرب ليلة مضت.
قال ثعلب: تقول مذ غدوتَ إلى أن تزول الشّمس: ( رأيت اللّيلة في منامي ) فإذا زالت قلت: رأيت البارحة.