كيف نتغلب على الإجهاد ؟!
د. أحمد عبدالقادر المهندس
هناك فرق بين التعب العضوي والإجهاد، فالإجهاد (stress) هو
مرض نفسي من أهم أعراضه كما يقول علماء النفس هو الإحساس بالإعياء الشديد
مع المعاناة من الأرق وضعف الشهية، وربما تحدث بعض أعراض ضعف الذاكرة وعدم
القدرة على التركيز...
ولا شك أن الإجهاد وما يصاحبه أحياناً من الاكتئاب هو أحد الأمراض المعاصرة
التي يمكن أن تحدث لبعض الأشخاص، وخاصة في الدول الصناعية، ولكنها يمكن
أن تحدث حتى في مجتمعنا نتيجة لزيادة الطموح عند بعض الأشخاص. ويحدث التعب
النفسي عندما تنتاب الإنسان لحظات غضب أو توتر شديد من العمل أو من
الاحتكاك في بيئة العمل. وفي العادة ينتج عن ذلك الاحتكاك تغير في كيمياء
الجسم وارتفاع في ضغط الدم، وعندما تتراكم هذه الانفعالات مراراً وفي سنوات
عديدة ينتج عنها الإجهاد النفسي. ولأن الجسم البشري ليس مادة جامدة بل هو
منظومة حيوية من الأعصاب والهرمونات، فماذا يحدث عندما يظهر التفاعل مع
مختلف العوامل الخارجية؟!
يقوم الجسم بإطلاق هرمونين في الدورة الدموية هما الأدرينالين والكورتيزول،
وهما الهرمونان اللذان كانا يثيران في جسم الإنسان الأول الصداع أو
الهروب. وفي الحالتين يتم تصريف الطاقة بشكل طبيعي ولا يحدث إجهاد أو
انفعال نفسي.
والفرق بيننا وبين الإنسان الأول أو إنسان الكهوف هو
أنه كان يفرغ شحنته الانفعالية آنياً وبسرعة، أما الإنسان المعاصر، فإن
الانفعال يظل حبيساً في أجسامنا، وخاصة إذا لم يستطع الإنسان أن يفرغه في
أداء عمل جسماني مثل ممارسة الرياضة. وتظل دماؤنا مزدحمة بهذين
الهرمونين على أساس متكرر، مما يسبب طرح بعض العناصر المفيدة في الجسم مثل
عنصر المغنيسيوم وهو عنصر أساسي لصحة الجسم وخاصة لضمان صحة القلب. ومع
مرور الزمن، وازدياد نسبة الإجهاد قد يترافق ذلك مع الاكتئاب وضغط الدم
وعسر الهضم وبعض المشاكل في القلب والدورة الدموية.
وهكذا يشعر الإنسان بالإعياء دون سبب عضوي واضح. ويعتقد بعض العلماء أن
أسباب الإجهاد في عصرنا الحديث قد تعود إلى أسباب بيئية مثل كمية الضجيج
التي تحيط بنا أو نتيجة للتلوث بكل أنواعه أو مشكلات المواصلات التي نعيشها
في المدن المزدحمة بالسيارات، وما تنفثه من سموم كثيرة في أجواء المدن.
وقد يأتي الإجهاد نتيجة للمشكلات التي تطرأ في العمل من مدير عصبي أو غير محايد أو من تناحر مع زملاء العمل.... الخ.
ولعل من أهم عوامل التغلب على الإجهاد هو محاولة الاسترخاء والتأمل، ولا شك
أن التقرب إلى الله بالصلاة هو من أهم ما يجعل الإنسان راضياً وقوياً ،
وهذا هو الفرق بين الشخص المؤمن والشخص الذي لا دين له أو لا وسيلة تربطه
بالله عز وجل.
ومن المفيد جداً لمن أصابه الإجهاد أن يبحث دائماً عن الهواء النقي المتجدد
والهدوء، ويا ليت أن كل واحد منا استغل نهاية الأسبوع في راحة أو في منطقة
هادئة لا يسمح لشيء أن يعكّر مزاجه أو يجعله حزيناً، مكتئباً أو عصبياً.
كما أن التغلب على مشكلات العمل تكون بالتسامح وبذل مزيد من الجهد لعلاج
هذه المشكلات....
ومن أجل أن نتغلب على الإجهاد أو حتى على أي نوع من التوتر أو القلق فيلزم :
المزيد من التفاؤل فالحياة أجمل من أن نقضيها في المزيد من الإجهاد أو
التفكير في الهموم والخوف من المستقبل ....