الدولة : المزاج : الابراج : عدد المساهمات : 2089 تاريخ الميلاد : 06/02/1994تاريخ التسجيل : 26/05/2011العمر : 30
الموقع : سوريا لايف
العمل/الترفيه : طالبة جامعية الاوسمة : . :
موضوع: مدينة مابين الخيال والتاريخ الخميس يوليو 28, 2011 12:02 am
مدينة الخيال والتاريخ :: معلولا ::
حكايات أسطورية تلخص التاريخ
التوجه إلى منطقة معلولا يحتاج إلى قطع مسافة 56 كيلومتراً باتجاه شمال شرقي دمشق، وبسرعة يشعر الزائر بأنه يدخل منطقة تاريخية مظللة بأجواء خيالية. وتبدو معلولا محفورة بطريقة ساحرة ومدهشة في صخور جبال القلمون المرتفعة ما يقارب 1500 م . عن سطح البحر، وتظهر بيوتها وكأنها معلقة . في الجبال بعضها فوق بعض وبشكل متلاصق، لتشكّل ما يشبه المدرجات السكنية وهي مطلية بالكلس الأزرق وتتداخل بشكل غريب ضمن تخطيط عمراني طبيعي رسمته التضاريس الجبلية. وللوهلة الأولى يشعر الناظر إلى المنطقة المرتفعة بالدهشة وهو يعتقد أن ما يراه معرض للسقوط عند أي خلل طبيعي حيث البيوت يتكي بعضها على بعضها . وسقوط واحد منها يعني تدمير حي بأكمله، لكن الشكل المعماري يظل متماسكاً طالما أنه منتم إلى الماضي البعيد ومستمر في الوجود طيلة سنوات كثيرة. ويسبب تلاصق البيوت في معلولا وجود الطرقات . ضمن مساحات ضيقة، حيث تتكاثر الممرات المتشعبة والضيقة جداً بينها، مثلما تتكاثر السلالم الخشبية العالية التي يستخدمها الأهالي للوصول إلى المنازل المحفورة ضمن الكهوف الجبلية، وتتعدد هذه الكهوف الاصطناعية والطبيعية التي يعود . تاريخ بعضها إلى العصر الحجري، حيث استفاد منها السكان لأغراض عدة مثل العبادة والسكن ودفن الموتى، ويحتوي بعضها الآن على مقابر صخرية كثيرة مبنية على شكل صفوف يتضمن كل منها عشرات القبور، ويعتقد الباحثون بأنها كانت مغطاة ببلاطات صخرية زالت بتأثير الزمن. ويؤكد تاريخ معلولا أن إنسان كرمانيون سكنها منذ نحو 30 ألف سنة وخلّف وراءه بعض الشواهد المادية التي تدل عليه داخل الكهوف. سلسلة الجبال: ومعلولا كلمة آرامية تعني المدخل، وجاءت هذه التسمية لوجودها ضمن شعب جبلي جميل يقطع سلسلة جبال القلمون، ويرتبط هذا المكان بأسطورة أول قديسة مسيحية وهي “تقلا” التي كانت تلميذة بولس الرسول، حيث اضطرت إلى الهرب من أبيها الوثني، فأرسل مجموعة من الجنود لملاحقتها، وأمرهم بقتلها لأنها مرتدة عن دينه، فوصلت إلى جبل سد عليها الطريق فأخذت تبكي بشدة ورفعت يديها إلى السماء تطلب من الرب المساعدة ليستجاب إلى دعائها وينشق الجبل . وتتمكن من النجاة، وفيما بعد لجأت “تقلا” إلى إحدى المغارات وأخذت تصلي حمداً لله، وأصبحت لها شهرة واسعة، واستطاعت أن تشفي الكثير من المرضى من علات مستعصية فنالت الحظوة، ومن هنا يقتبس اسم معلولا معناه الثاني أي المكان الذي يقصده المعلولون. وتوفيت القديسة تقلا في نهاية القرن الأول ودفنت في مغارتها، ويأتي الآن إلى هذا المكان الكثير من الزوار والمرضى أملاً في الشفاء، ولايزال حتى الآن يقطر الماء باستمرار من سقف المصلى المدفون فيه الجثمان، ويتجمع في جرن حجري شربت منه القديسة في أثناء وجودها في المغارة. ويشكّل دير القديسين سركيس وباخوس الموجود في أعلى الجبل أهم المعالم الدينية والأثرية في معلولا، وهذان القديسان كانا جنديين في الفيلق الروماني اعتنقا المسيحية سراً ورفضا تقديم القربان لإله الشمس فحكم عليهما بالموت، لذلك شيدّ فيما بعد دير هذين القديسين مكان المعبد الوثني لإله الشمس بين عامي 313 325 في عهد الإمبراطور البيزنطي قسطنطين عندما أصبحت الديانة المسيحية رسمية، وأظهرت الاختبارات التي أجريت في ألمانيا أن عمر الجسور الخشبية لمبنى الكنيسة يقارب الألفي عام. وفي الكنيسة هيكلان لهما شكل الكأس المجوف من العهد الوثني مع اختلاف بسيط في طريقة التشكيل حيث لا توجد فيهما فتحات لمرور الدماء ولا توجد عليهما رسوم الحيوانات المقدمة قرباناً لأنه منع هذا النوع من الهياكل في الكنائس في النصف الثاني من القرن الرابع حتى لا تكون مشابهة للهياكل الوثنية، ما يدل على أن هيكل القديس سركيس وهيكل العذراء في هذه الكنيسة من أقدم الهياكل في تاريخ المسيحية. ويلمس الزائر سحر هذه القرية في كل زاوية من زواياها، حيث لايزال الواقع يمتزج بالأسطورة في كل آثارها القديمة وطبيعتها الخاصة، وكل أثر يبث حكايته التي لا يحتاج الزائر إلى دليل خاص أو اطلاع على الكتب للتعرف الى تفاصيلها فتاريخ المكان مازال مطبوعاً في ذاكرة السكان بشكل دقيق وتتناقله الأجيال تلقائياً، لأن حكايات هذه القرية وأساطيرها تشكّل ماضي الأجداد وهي مصدر لفخرهم واعتزازهم لأنها تمنح السكان خصوصية شديدة، لذلك يكفي سؤال أي شخص من أبناء معلولا لمعرفة قصة كل معلم أثري واكتشاف خفايا المكان بشكل واسع لأن طبيعة هذه القرية تحتضن أيضاً أساطير مثيرة وغرائب مدهشة غير مدوّنة في كتب التاريخ. الأسطورة القديمة: وتروي أسطورة قديمة في هذه المنطقة الجبلية عن وجود تجاويف صخرية لها فتحات من الأعلى تدعى المشانق، وكانت تستخدم لشنق المحكوم عليهم بالإعدام، ويشير أحد سكان معلولا إلى مكان صخري يدعى بالمحكمة، يرتفع عن الأرض داخل الجبل، ويعتقد أن أحد الملوك كان يقف عليه لإصدار الحكم وتنفيذه. ويكشف الاختلاط بسكان معلولا عن تميز آخر لهذه القرية المعزولة، فهي لم تكتسب أهميتها من آثارها الدينية وطبيعتها الجذابة فحسب وإنما من بيوتها التي تحتفظ بروح التاريخ وعبقه القديم، حيث تظهر حجارة الجبال على قسم من الجدران من دون أن تغيّرها عمليات الترميم الحديثة فتبدو البيوت وكأنها آثار قديمة لأنها مازالت مبنية على طريقة البيوت العربية القديمة المشهورة في منطقة دمشق القديمة، بينما يعايش السكان هذا التاريخ ليبدو وكأنه حاضر الآن وهم مازالوا ينطقون بلغة السيد المسيح، وهي اللغة الآرامية التي تعتبر من أقدم لغات العالم التي سادت الشرق منذ القرن الأول قبل الميلاد إلى القرن السابع الميلادي، واليوم لا يتكلمها أي شعب في العالم باستثناء سكان معلولا