لا يبدو بكاء الطفل (موضوع تحقيقنا) مجرد سلوك عادي يمارسه طفل في هذا العمر.. بل هو بكاء يحمل أكثر من رسالة تنضوي بين الدموع التي تنهمر من عينيه وصوته الحزين وهو يشير بيده عله يجد من القارئ حكماً منصفاً لما يعانيه، ونظراً لتعدد الآراء والأفكار على صعيد الأهل وباقي الأطراف فقد كان حرصنا على وضع التفاصيل بين أيدي القارئ بشكل يفسح لكل طرف الحديث وفق قناعاته وما يعتبره مسؤولاً عنه وجرى معه.. والد الطفل السيد جمال الزير يشير لدخول زوجته المشفى بتاريخ 22/2/2009 إلى أحد المشافي الخاصة بحالة ولادة حيث بشرته الممرضة بأن ولادتها طبيعية والمولود بحالة جيدة وسيتم وضعه بالحاضنة لمدة يومين لقاء مبلغ 8 آلاف ليرة سورية.. وبعد مرور 72 ساعة أشارت عليه الطبيبة المشرفة بضرورة بقائه في الحاضنة لمشكلة أحاقت بيده اليسرى، ومع رده بعدم قدرته على تحمل تكاليف الحاضنة قالت له بأنهم سيساعدونه، وبعد 4 ساعات عادت لتقول على حد تعبيره أنهم لا يريدون أجوراً، لتمضي عشرة أيام أخبرته بنيتهم القيام ببتر اليد من الكتف طالبة منه التوقيع على العملية، طلب على إثرها التأجيل، وعند محاولته أخذ الطفل من المشفى رفضت الطبيبة عرضه على مشفى آخر.. يتابع الأب: تحسنت حالة الطفل على إثر الأدوية فيما أوصت الطبيبة بعدم عرضه على أي طبيب لمدة ثلاثة أشهر وتم إعفاء الأب من دفع تكاليف الحاضنة والبالغة 100 ألف.. بعدما قطعت له وعداً بإجراء عملية على نفقتها.. وبمرور وقت على الحادثة يقول الأب اعترفت له إحدى الممرضات بأن الطفل كان سليماً ولم يحتج إلا لحاضنة، عندها عاد الأب إلى مكتب الدكتورة التي أعطته 150 ألفاً وهي تبكي على حد قوله لتشير عليه بأنها تتحمل المسؤولية لكون إحدى الممرضات أعطت إبرة غير نظيفة ومعقمة واعدة إياه بإعطائه مبلغ 200 ألف بعد عدة أشهر.. عرض الأب حالة وليده على عدد من الأطباء فتبين أن العملية الجراحية لإعادة وضع اليد لحالتها الطبيعية تكلف 370 ألف ليرة، عاد بعدها ليخبر الدكتورة طالباً منها دفع التكاليف فلم تمانع، لكنها أشارت عليه بضرورة أن تتم الإجراءات عن طريق محامٍ.. وهنا يقول: حاول المحامي إرضائي بأي مبلغ لقاء التنازل عن الموضوع لكني رفضت لكون كل طلبي هو تكاليف العملية وتوجهت إلى نقيب الأطباء الذي أبدى اهتماماً بالموضوع وتعاطف معي.. الطبيبة المشرفة على الحالة ولدى مواجهتها بحيثيات ما توفر لدينا قالت لسالب موجب: ولادة الطفل في المشفى أعقبه خداجة مع مخاض عنيف وكانت الأم تتألم بشكل شديد وكان الطفل بعمر 31 أسبوعاً ووزنه 1600غ، حيث أظهر الكشف السريري المباشر وجود التفاف سرر مع زرقة شديدة وتوقف قلب وتنفس، وقد قمنا بإجراء انعاش طبي وفق الأصول الطبية وتم وضعه على جهاز التنفس الصناعي ونبهنا الأهل لوجود خطورة عالية نظراً للخداجة، خاصة بعد ملاحظتنا وجود زرقة شديدة في الطرف العلوي فتم إجراء استشارة جراحة أوعية وتبين وجود اضطراب تروية وعائية بالطرف جراء (خثار شرياني) ليوضع الوليد على المميعات وكانت المعالجة مجانية وبموافقة المشفى بعد ادعاء الأهل عدم قدرتهم على الدفع، فكانت النظرة للأمر من جانب إنساني، ولا بد من التنويه بأن الأهل وافقوا على عملية البتر عندما أوصت إحدى الاستشاريات المتخصصة بذلك لكننا نجحنا بإنقاذ الطرف لنفاجأ بادعاء الأهل بأن ما حدث كان اختلاطاً علاجياً وما تم ذكره لكم في حين أنه تم إنقاذ لحياة الطرف جراء وجود تشوه وعائي شرياني. الدكتور جمال قدور نقيب أطباء حمص أشار لمراجعته من قبل والد الطفل بشكوى فاهتممنا بالموضوع وطلبنا منه اقتراح أسماء أطباء للجنة ثلاثية يحوزون على ثقته، وكانت النتيجة أنه لا يوجد خطأ طبي وأن ما حصل هو جراء تشوه ولادي وعند اعتراضه على قرار اللجنة اقترحنا عليه إعطاءنا أسماء لجنة خماسية فوافق لنفاجأ أنه قد توجه لصحيفتكم بشكوى، علماً أننا عرضنا الطفل على لجنة طبية خبيرة من أطباء أجانب زاروا حمص وتم وعدنا بدراسة الحالة لكونها صعبة بالنظر لأن سببها تشوه شرياني خلقي، وكان قرار اللجنة الثلاثية وبناء على عمل التحاليل يصب في المنحى ذاته. تعددت الآراء بين الأهل وأهل الاختصاص ومن حمله الأهل المسؤولية لتبقى الأمور عالقة على هذا النحو، وإن كنا نقف على مسافة واحدة من الجميع فإننا ننحاز ولو قليلاً إلى ذلك الطفل بنوع من العطف والحنان بعيداً عن أي شيء آخر علّ الأيام تجد علاجاً ناجعاً ينهي الأحداث بابتسامة منه بدلاً من صوت البكاء والألم..