الدولة : المزاج : عدد المساهمات : 2362 تاريخ التسجيل : 06/05/2011الموقع : سوريا لايÙ
الاوسمة :
موضوع: الجملة وأنواعها... الخميس يوليو 14, 2011 12:18 am
بسم الله الرحمن الرحيم مفهوم الجملة في نظر النحاة :
إن البحث في اصطلاح الجملة ، والتأريخ له ، أمران لازمان لمن يتصدى لدراسة الجملة العربية ، فالجملة هي لبنة الكلام المرسل وغير المرسل (1) وعنصر الكلام الأساسي ، فبالجمل نتكلم ، وبالجمل نفكر ، بل هي (قواعد الحديث ) (2). ومن الثابت أن مفهوم الجملة عند بعض قدامى النحويين كان ملتبسا بمفهوم الكلام ، ولم يكن ثمة فصل بين المفهومين ، وقد نص غير واحد منهم على أن الكلام هو الجملة ، قال الزمخشري ( 538هـ) في المفصل : ( والكلام : هو المركب من كلمتين ، أسندت إحداهما إلى الأخرى ، وهذا لا يتأتى إلا في اسمين ، أو في فعل واسم ، ويسمى الجملة )(3 وذهب ابن يعيش ( 643هـ) في شرحه ، مذهب الزمخشري في التوحيد بين مفهومي الكلام والجملة ، فقال :[ ومما يسأل عنه هنا ، الفرق بين الكلام ، والقول ، والكلم ، والجواب : أن الكلام عبارة عن الجمل المفيدة ، وهو جنس لها ، فكل واحدة من الجمل الفعلية ، والاسمية ، نوع له ، يصدق إطلاقه عليها ، كما أن الكلمة جنس للمفردات ] (4)
ولم يعن ابن مالك ( 672هـ) في ألفيته إلا بالكلام ، فقال :
[كلامنا لفظ مفيد كاستقم واسم وفعل ثم حرف الكلم .
وكذلك شراح الألفية ] (5)
وربما كان أبو زكريا الفراء ( 207هـ) من أوائل من استعمل هذا المصطلح ، فقد استعمله في كتابه ( معاني القرآن ) ، في نحو قوله :[ وكذلك قوله : ( سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون ) (6) فيه شيئ يرفع (سواء عليكم ) لا يظهر مع الإستفهام ، ولو قلت: سواء عليكم صمتكم ودعاؤكم ، تبين الرفع الذي في الجملة . ] (7)
وكان ابن هشام ( 761هـ) من أكثر النحويين عناية بالتفريق بين مصطلحي ( الكلام ) و(الجملة ) ، فهو أول من أفرد للجملة بابا في كل من كتابيه : ( مغني اللبيب )( ،
و( قواعد الإعراب )(9) ، مما دفع النحاة إلى تعريفها في مقدمة مؤلفاتهم ، قبل أن يشرعوا في دراسة مختلف عناصرها دراسة مفصلة .
ب- الجملة لغة : الجمل ( بضم الميم والجيم ) الجماعة من الناس . ويقال : جمل الشيء : جمعه . وقيل لكل جماعة غير منفصلة : جملة..(10) وجاءت الجملة في القرآن الكريم بمعنى الجمع .(11) ، قال تعالى : ( وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة ..) (12)
ج – الجملة اصطلاحا :
تعددت مذاهب النحاة في تعريف الجملة ، فذهب بعضهم إلى أنها ترادف الكلام ، فكلاهما يفيد معنى يمكن الوقوف عنده ، ويعتبر ابن جني (13) ( 392هـ) وعبد القاهر الجرجاني (14)
( 471هـ) ، من القائلين بالترادف بين الجملة والكلام.
وقال ابن الحاجب : أبو عمرو عثمان بن عمر (646هـ ) بعدم الترادف (15).
ويتفق ابن هشام ( 761هـ) مع ابن الحاجب في ذلك ويقول : [ الكلام هو القول المفيد بالقصد ، والمراد بالمفيد : ما دل على معنى يحسن السكوت عليه ، والجملة عبارة عن الفعل وفاعله ، كقام زيد ، والمبتدا وخبره : كزيد قائم ، وماكان بمنزلة أحدهما . وبهذا يظهر لك أنهما ليسا بمترادفين كما توهم كثير من الناس ، وهو ظاهر قول صاحب المفصل ، فإنه بعد أن فرغ من حد الكلام قال : ويسمى : جملة . والصواب : أنها اعم منه ، إذ شرطه الإفادة بخلافها ، ولهذا تسمعهم يقولون : جملة الشرط ، وجملة الجواب ،وجملة الصلة ،وكل ذلك ليس مفيدا، فليس بكلام ] (16)
وإلى هذا المذهب نذهب ، وعلى ذلك ، فحد الجملة هو : ( قول مؤلف من مسند ومسند إليه )(17) ولا يشترط فيما نسميه جملة ، أو مركبا إسناديا أن يفيد معنى مكتفيا ، كما يشترط ذلك فيما نسميه كلاما .
المبحث الثاني
أ - أنواع الجملة :
جرى النحاة على تقسيم الجملة بحسب محلها الإعرابي إلى قسمين :
أ – حمل لها محل من الإعراب : - وهي التي يمكن أن تؤول بمفرد ، وتأخذ تلك الجملة إعراب ذلك المفرد . وسمي المفرد بهذه التسمية : لأنه ليس جملة ، ولا شبه جملة ، فهو غير مركب ، ويعرب مباشرة بعلامة الإعراب الأصلية ، سواء أكان مقداره واحدا ، أم مثنى ، أم جمعا . وقد اختلف النحاة في عدد الجمل التي لها محل من الإعراب ، وفيما يلي ذكر أشهرها : الجملة الواقعة خبرا ، والواقعة حالا ، والواقعة مفعولا ، والواقعة مضافا إليه ، والواقعة بعد الفاء أو إذا جوابا لشرط جازم ، والتابعة لمفرد ، والتابعة لجملة لها محل من الإعراب (18)
ب – جمل لا محل لها من الإعراب : وهي الجمل التي لا تحل محل المفرد ، ولا تؤول به ، ومن ثم لا يقال فيها إنها في موضع رفع ، أو نصب ، أو جر ، أو جزم ، وقد اختلف النحاة في عددها كذلك (19) ، وسأكتفي بذكر أشهرها . وهي : -
الجملة الإبتدائية ، الجملة المستأنفة ، الجملة المعترضة ( وهي صلب هذا البحث ) ، الجملة التفسيرية ، حملة جواب القسم ، الجملة الواقعة جوابا لشرط غير جازم ، أو جازم ، ولم تقترن بالفاء ، ولا بإذا الفجائية . الجملة الواقعة صلة لاسم أو حرف ، والجملة التابعة لجملة لا محل لها من الإعراب .
وقسم النحاة الجملة من حيث ما تبدأ به ، أو بحسب بنيتها اللفظية ، إلى قسمين كذلك :
اسمية ، وفعلية ، وذلك حسب صدورها ، والمراد بصدر الجملة : المسند ، والمسند إليه ،
ولا عبرة بما تقدم عليها من الحروف (20).
المبحث الثالث
الأغراض البيانية للجملتين : الاسمية ، والفعلية في القرآن الكريم :
أ – خصائص الجملة والكلمة القرآنية :
إن خير ما توصف به الجملة في القرآن ، أنها بناء قد أحكمت لبناته ، ونسقت أدق تنسيق ، لا تحس فيها بكلمة تضيق بمكانها ، أو ننبو عن موضعها ، أو لا تتعايش مع أخواتها ، حتى صار من العسير ، بل من المستحيل أن تغير كلمة بكلمة ، أو تستغني فيها عن لفظ ، أو أن تزيد فيها شيئا ، وصار قصارى أمر من يريد معارضة جملة في القرآن ، أن يرجع بعد طول المطاف إليها ، كأنما لم يخلق الله لأداء تلك المعاني ، غير ما اختاره القرآن لهذا الأداء .
قال ابن عطية : عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن ( 541هـ) : [ وكتاب الله تعالى لو نزعت منه لفظة ، ثم أدير لسان العرب على لفظة أحسن منها لم يوجد ، ونحن يتبين لنا البراعة في أكثره ، ويخفى علينا وجهها في مواضع ، لقصورنا عن مرتبةالعرب يومئذ في سلامة الذوق ، وجودة القريحة ](21)
ويقول مصطفى صادق الرافعي : [ وإنك لتحار إذا تأملت تركيب القرآن ، ونظم كلماته في الوجوه المختلفة ، التي يتصرف فيها ، وتقعد بك العبارة إذا أنت حاولت أن تمضي في وصفه ، حتى لا ترى في اللغة كلها أدل على غرضك ، وأجمع لما في نفسك ، وأبين لهذه الحقيقة ، غير كلمة الإعجاز ……. إلى أن يقول :
فترى اللفظ قارا في موضعه ، لأنه الأليق في النظم ، ثم لأنه مع ذلك الأوسع في المعنى ، ومع ذلك الأقوى في الدلالة ، ومع ذلك الأحكم في الإبانة ، ومع ذلك الأبدع في وجوه البلاغة ، ومع ذلك الأكثر مناسبة لمفردات الآية ، مما يتقدمه أو يترادف عليه ...] (22).
والجملة القرآنية تتبع المعنى النفسي ، فتصوره بألفاظها لتلقيه في النفس ، حتى إذا استكملت الجملة أركانها ، برز المعنى ظاهرا ، فليس تقديم كلمة على أخرى صناعة لفظية فحسب ، ولكن المعنى هو الذي جعل ترتيب الجملة ضرورة لا محيد عنه ، وإلا اختل وانهار .
خذ مثلا قوله تعالى : ( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ) (23) تجد إسماعيل معطوفا على إبراهيم ، فهو كأبيه يرفع القواعد من البيت ، ولكن تأخره في الذكر يوحي بأن دوره في رفع القواعد دور ثانوي ، أما الدور الأساس فقد قام به إبراهيم . قال في الكشاف : [ قيل : كان إبراهيم يبني ، وإسماعيل يناوله الحجارة ] (24)
وفي قوله تعالى : ( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ) (25) [ تجد المستعان عليه في الآية غير مذكور ، لا تخففا من ذكره ، ولكن ليوحي هذا الحذف إلى النفس أن كل ما يقوم أمام المرء من مشقة ، وما يعترضه من صعوبات ، يستعان على التغلب عليه بالصبر والصلاة . ](26)
ب- دراسة تطبيقية لاستخدام القرآن للجملة بنوعيها :
تتألف الجملة – كما أسلفنا - من ركنين رئيسين هما : المسند ، والمسند إليه . وهذان الركنان هما عمدة الكلام .
ويظهر تأليف الجملة – تبعا للمسند - بصورتين : فعل مع اسم ، أواسم مع اسم ، وبالتعبير الإصطلاحي : فعل وفاعل ، أو نائبه ، أو : مبتدأ وخبر ، نحو : أقبل سعيد ، وسعيد مقبل ، وكل التعبيرات الأخرى ، إنما هي صور أخرى لهذين الأصلين .
والصورة الأساسية للجمل التي مسندها فعل ، أن يتقدم الفعل على المسند إليه ، ولا يتقدم المسند إليه على الفعل إلا لغرض يقتضيه المقام .
والصورة الأساسية للجمل التي مسندها اسم ، أن يتقدم المسند إليه على المسند ، أو بتعبير آخر أن يتقدم المبتدأ على الخبر ، ولا يتقدم الخبر إلا لسبب يقتضيه المقام ، أو طبيعة الكلام .
والفرق بين هاتين الصورتين : أن الجملة التي مسندها فعل إنما تدل على الحدوث ، تقدم الفعل أو تأخر ، وقد تفيد الإستمرار بالقرائن ، وهذا يكون في الفعل المضارع فقط ،
كما في قوله تعالى : ( هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض .. ) (27) ،
فالرزق من الله متجدد ومستمر ، لا ينقطع ولا يزول.
أما الجملة التي مسندها اسم : فإنها تدل على الثبوت ، وربما تفيد الدوام بالقرائن .(28) وإذا كان وضع الجملة الاسمية على إفادة الثبوت ، ووضع الجملة الفعلية على إفادة التجدد ، فإن الجملة الاسمية تدل على معنى أوفى مما تدل عليه الجملة الفعلية ، ولهذا ذهب البلغاء إلى أن الجملة الاسمية تفيد تاكيد المعنى ، وقدتؤثر من أجل هذا في بعض المقامات على الجملة الفعلية (29)
وقد يعدل القرآن أحيانا عن الفعل إلى الاسم ، فقد يكون الأصل أن يعبر عن الحدث بالفعل ، ومع ذلك يؤتى بالاسم للدلالة على الثبوت . قال تعالى : ( إني جاعل في الأرض خليفة )(30) فهو لم يجعله بعد ، ولكن ذكره بصيغة اسم الفاعل للدلالة على أن الأمر حاصل لا محالة ، فكأنه تم ، واستقر ، وثبت .
ومن جميل استعمال القرآن للفعل والاسم :
أنه يستعملهما استعمالا مناسبا مع وقوع الحدث في الحياة ، فإذا كان مما يتكرر حدوثه ويتجدد استعماله ، استعمله بالصورة الفعلية ، وإن لم يكن كذلك استعمله بالصورة الاسمية .
فمن ذلك مثلا :[ استعمال القرآن للفعل ( ينفق ) ، فإنه يستعمله بالصيغة الفعلية ، لأن الإنفاق أمر يتكرر ويحدث باستمرار ، قال تعالى : ( الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون )(31) ، فاستعمل الفعل المضارع الدال على التجدد والحدوث ، لأن الإنفاق أمر يتجدد . ولم ترد بالصورة الاسمية إلا في آية واحدة ، هي قوله تعالى : ( الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار.)(32) وهو في سياق أوصاف المؤمنين الدالة على الثبات .] (33)
ومن ذلك : [ قوله تعالى : (إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الله فأنى تؤفكون ..) (34) فاستعمل الفعل مع الحي ، فقال : ( يخرج ) ، واستعمل الاسم مع الميت ، فقال : ( مخرج ) ، وذلك لأن أبرز صفات الحي : الحركة والتجدد ، فجاء معه بالصيغة الفعلية الدالة على الحركة والتجدد , ولأن الميت في حالة همود وسكون وثبات ، فجاء معه بالصيغةالاسمية الدالة على الثبات ، فقال ( ومخرج الميت من الحي ) .
وقد يقول قائل : ولماذا قال في سورة آل عمران : ( تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي ..) (35) بالصيغة الدالة على التجدد في الحالتين ، فنقول: إن السياق في آل عمران يختلف عنه في الأنعام ،وذلك أن السياق في آل عمران هو في التغير والحدوث ،والتجدد عموما ، فالله سبحانه يؤتي ملكه من يشاء ، أو ينزعه منه ، ويعز من يشاء أو يذله ، ويغير الليل والنهار ، ويخرج الحي من الميت ، ويخرج الميت من الحي ، فالسياق كله حركة ، وغيير ،وتبديل ، فجاء بالصيغة الدالة على التجدد والتغير والحركة ، فوضع كل صفة في المكان اللائق بها .](36)
ومما أوردناه ندرك أن الجملة القرآنية قد تكونت من كلمات قد اختيرت بعناية ، ثم نسقت في سلك واحد ، فلا ضعف في تأليف ، ولا تعقيد في نظم ، ولكن حسن تنسيق ، ودقة ، وترتيب .
الفصل الثاني
الجملة المعترضة ، مفهومها ، وأغراضها البيانية
المبحث الأول :
أ - تعريف الجملة المعترضة :
1- الاعتراض لغة : - المنع ، يقال : ( اعترض الشيئ ، صار عارضا ، كالخشبة المعترضة في النهر ، يقال : اعترض الشيئ دون الشيئ ، أي : حال دونه ) .(37)
قال ابن فارس ( 395هـ) : ( إن من سنن العرب أن يعترض بين الكلام وتمامه ، كلام لا يكون إلا مفيدا ) (38). وهذا المعترض هو ما اصطلح على تسميته بالجملة الإعتراضية .
2- الجملة الاعتراضية في الاصطلاح : [ أنها تأتي في أثناء الكلام – وليس المراد بالكلام هنا : المسند والمسند إليه فقط ، بل جميع ما يتعلق به من الفضلات والتوابع – فاصلة بين متلازمين ، سواء أكانا مفردين ، أو كانا جملتين متصلتين معنى ، وذلك لإفادة الكلام تقوية ، أو إيضاحا وبيانا ، لنكتة سوى دفع الإيهام ].(39) وعرفها الزركشي بقوله : [ هو أن يؤتى في أثناء الكلام ، أو كلامين متصلين معنى ، بشيئ يتم الغرض الأصلي بدونه ، ولا يفوت بفواته ، فيكون فاصلا بين الكلام أو الكلامين لنكتة .. ثم يقول : وقال الشيخ عز الدين في أماليه : ( الجملة المعترضة تارة تكون مؤكدة ، وتارة تكون مشددة ، لأنها إما ألا تدل على معنى زائد على ما دل عليه الكلام ، بل دلت عليه فقط ، فهي مؤكدة ، وإما أن تدل عليه وعلى معنى زائد ، فهي مشددة ](40)
وعلى هذا يكون الإعتراض مباينا لكل من : التذييل ، والتكميل ، والتتميم .
ب - مفهوم البلاغيين للإعتراض والرد عليهم :
يعتبر مفهوم الإعتراض عند البلاغيين أعم من مفهومه عند النحاة ، لأن البلاغيين يعتبرون أن الجملة الواقعة بين الكلامين المتصلين معنى لا لفظا ، جملة معترضة ، أما النحاة فلا يعتبرونها إعتراضية ، حتى يكون بين ما قبلها وما بعدها اتصال لفظي .
كما اختلفت وجهة نظر بعض البلاغيين في تحديد مفهوم الإعتراض ، فقد عرفه أبو هلال العسكري ( 395هـ) بقوله :[هو اعتراض كلام في كلام لم يتم ، ثم يرجع إليه فيتمه .](41) ، فلم يشترط أن يكون الإعتراض جملة ، أو أن يكون له محل من الإعراب ، أو ليس له محل ، لكن أكثر البلاغيين اشترطوا أن يكون الإعتراض جملة أو أكثر ، وأن لا يكون له محل من الإعراب كما اتضح من تعريفهم له حيث عرفوه بقوله : [ هو أن يؤتى في أثناء الكلام ، أو بين كلامين متصلين معنى بجملة أو أكثر ، لا محل لها من الإعراب ، لنكتة ] (42).
قال القزويني ( 739هـ ) في التلخيص : [ ثم جوز بعضهم وقوعه آخر جملة لا تليها جملة متصلة بها ، فيشمل التذييل ، وبعض صور التكميل ، وبعضهم كونه غير جملة ، فيشمل بعض صور التتميم والتكميل ](43) . وقال في الإيضاح : [ ومن الناس من لا يقيد فائدة الإعتراض بما ذكرنا ، بل يجوز أن تكون دفع توهم ما يخالف المقصود .] (44) ، أي : يجيزون في النكتة في الإعتراض أن تكون لدفع إيهام خلاف المقصود ، فيتضح من كلامه أن هناك فرقتين تخالفان رأي الجمهور ،(45) الذي سبق عرضه .
فالفرقة الأولى : لا تشترط في الإعتراض أن يكون واقعا في أثناء الكلام ، أو بين كلامين متصلين معنى ، بل تجوز أن يقع في آخر الكلام ، أو يليه غير متصل به معنى ، فالاعتراض عند هؤلاء : هو أن يؤتى في أثناء الكلام، أو في آخره ، أو بين كلامين متصلين ، أو غير متصلين ، بجملة أو أكثر ، لا محل لها من الإعراب ، لنكتة .. وبهذا يشعر كلام الزمخشري( 528هـ) في مواضع من الكشاف (46). ، حيث قال في تفسير قوله تعالى : ( ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا ) (47) ، [ فإن قلت : ما موقع هذه الجملة .؟ قلت : هي جملة إعتراضية ، لا محل لها من الإعراب .. ثم يقول : فائدتها تأكيد وجوب اتباع ملته ، لأن من بلغ من الزلفى عند الله أن اتخذه خليلا ، كان جديرا بأن تتبع ملته وطريقته ، ولو جعلتها معطوفة على الجملة قبلها لم يكن لها معنى .] (48)
وقد أطلق البلاغيون على ما جاء من الأساليب على هذه الطريقة مصطلح : التذييل . وهو ما ذكره الآلوسي ( 1270هـ) في تفسيره للآية السابقة ، حيث قال : [ واتخذ الله إبراهيم : تذييل ، جيء به للترغيب في اتباع ملته – عليه السلام - ](49).
أما الفرقة الثانية : فيجيزون كونه غير جملة ، لكنهم يشترطون وقوعه في أثناء الكلام ، فلا يقع بين كلامين لا اتصال بينهما ، فلم يخالفوا الجمهور في ذلك ، بل خالفوا الجمهور في قولهم : بأن النكتة قد تكون لدفع إيهام خلاف المقصود ، وفي كون الإعتراض جملة لها محل من الإعراب ، أو مفردا . فالاعتراض عند هؤلاء يشمل من التتميم ما كان بغير جملة في أثناء الكلام ، ومن التكميل ما كان واقعا في أثناء الكلام مفردا ، أو جملة ، أو بين كلامين متصلين . وقد علق صاحب المطول على ما ذكره القزويني بقوله : [ ففي الجملة : كلامه لا يخلو من خبط ](50)
لذا نميل إلى رأي الجمهور ، لأننا علمنا مما سبق ، أن الإعتراض جملة لا محل لها من الإعراب ،
أما التتميم فيكون بفضلة ، والفضلة لها محل من الإعراب .
والإعتراض : لا يكون لدفع الإيهام ، وبهذا يختلف عن التكميل .
والإعتراض وإن شمل بعض صور التذييل ، – إذا كانت بجملة لا محل لها من الإعراب ، وقعت بين كلامين متصلين معنى ، واشتملت على معنى ما قبلها ، فتكون مؤكدة ، فيجتمع فيها التذييل لكونها مؤكدة ، والإعتراض لكونها لا محل لها من الإعراب – إلا أن التذييل خاص بالتأكيد ، وهو في هذا يفترق عن الإعتراض .
وخلط بعضهم بين الإعتراض والإلتفات ، قال ابن رشيق ( 463هـ) : [ باب الإلتفات : وهو الإعتراض عند قوم ، وسماه آخرون الإستدراك ، حكاه قدامة . وسبيله : أن يكون الشاعر آخذا في معنى ، فيعرض له غيره ، فيعدل عن الأول إلى الثاني فيأتي به ، ثم يعود إلى الأول من غير أن يخل بالثاني في شيء ، بل يكون مما يشد الأول ، كقول كثير :
لو أن الباخلين - وأنت منهم - رأوك تعلموا منك المطالا .(51)
فقوله : ( وأنت منهم ) : اعتراض كلام في كلام ، قال ذلك ابن المعتز ، وجعله بابا على حدته بعد باب الإلتفات ، وسائر الناس يجمع بينهما . ](52) .
ومن البلاغيين من بالغ في التقليل من شأنه ، فعده حشوا ، جيئ به لقصد إصلاح الوزن ، وتناسب القوافي ، ومن هؤلاء : ابن سنان الخفاجي الحلبي ( 466هـ) حيث قال : [ ومن وضع الألفاظ موضعها ألا تقع الكلمة حشوا ، وأصل الحشو أن يكون المقصد بها إصلاح الوزن ، أو تناسب القوافي وحرف الروي ، إن كان الكلام منظوما ، وقصد السجع وتأليف الفصول إن كان منثورا ، من غير معنى تفيده أكثر من ذلك .. إلى أن يقول : فمثال الكلمة التي تقع حشوا ، وتفيد معنى حسنا ، قول أبي الطيب :
وتحتقر الدنيا احتقار مجرب يرى كل ما فيها – وحاشاك – فانيا .
لأن – حاشاك – ههنا ، لفظة لم تدخل إلا لكمال الوزن ، لأنك إذا قلت : احتقار مجرب يرى كل ما فيها فانيا ، كان كلامه صحيحا مستقيما ، فقد أفادت مع إصلاح الوزن دعاء حسنا للممدوح في موضعه . ](53) فابن سنان يرى أن الإعتراض يمكن الإستغناء عنه ، وأنه لو أسقط من الكلام صح المعنى بدونه ، وأن جملة – وحاشاك – في البيت المذكور لم يأت بها الشاعر إلا لكمال الوزن ، وأن إفادتها الدعاء معنى طارئ ، لا صلة له بالمعنى الأصلي للكلام الذي وفع فيه الإعتراض ، فإسقاطها من الكلام لا يننقص شيئا من المعنى .
وهذا خطأ في التصور ، فالمقام هنا مقام مدح ، ومواجهة الممدوح بأن - كل ما في الدنيا فان – لايليق ، لأن الممدوح ضمن من يشملهم الفناء ، فلو لم يذكر جملة – وحاشاك – ، لتحول المدح إلى دعاء على الممدوح ، فأصبح لزاما على الشاعر – وفاء لحق المعنى - ، أن يذكر جملة الإعتراض ، لأن معنى الكلام الذي وقع فيه الإعتراض لا يتم إلا بها ، فجملة الإعتراض إذن : من مقتضيات النظم ، ومن متطلبات المقام .
وأدخله السكاكي ( 626هـ)في المحسنات المعنوية ، فبعد أن انتهى من بحث المعاني والبيان ، قال : [ وإذ قد تقرر في علم البلاغة بمرجعيها ، وأن الفصاحة بنوعيها مما يكسو الكلام حلة التزيين ، ويرقيه أعلى درجات التحسين ، فههناوجوه مخصوصة كثيرا ما يصار إليها لقصد تحسين الكلام ، فلا علينا أن نشير إلى الأعرف منها
وهي قسمان : قسم يرجع إلى المعنى ، وقسم يرجع إلى اللفظ ، فمن القسم الأول : المطابقة ، والمشاكلة ، .. إلى أن قال : ومنه الإعتراض .. وعرفه بقوله : ويسمى الحشو ، وهو أن تدرج في الكلام ما يتم المعنى بدونه ] (54)
وقد كان ابن الأثير ( 637هـ ) من أبرز من قللوا من قيمة الإعتراض ، وهونوا من شأنه ، فقد جعل وجوده في الكلام كخروجه منه ، فالمعنى عنده لا يتأثر بالاعتراض وجودا أو عدما ، ولذلك عرفه فقال : [ وحده : كل كلام أدخل فيه لفظ مفرد أو مركب ، لو أسقط لبقي الأول على حاله . ] (55) ثم قسم الإعتراض بعد ذلك إلى قسمين :
[ أحدهما : ما لا يأتي في الكلام إلا لفائدة ، وهو جار مجرى التوكيد ، وقد استشهد لهذا القسم بآيات من القرآن الكريم ، وأبيات من جيد الشعر ، وأبان عن الغرض البلاغي للإعتراض فيها . ثانيهما : وهو الذي يأتي في الكلام لغير فائدة ، وقد قسم هذا القسم إلى ضربين :
الأول : أن يكون دخوله في الكلام كخروجه منه ، لا يكتسب به حسنا ولا قبحا .
والثاني : وهو الذي يؤثر في الكلام نقصا ، وفي المعنى فسادا .
وقد مثل للضرب الأول من القسم الثاني بقوله : ( فمن ذلك قول النابغة :
يقول رجال يجهلون خليقتي لعل زيادا – لا أبالك – غافل .
فقوله : - لا أبالك – من الإعتراض الذي لا فائدة فيه ، وليس مؤثرا في البيت حسنا ولا قبحا .
ومثله قول زهير :
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولا – لاأبا لك - يسأم . ] (56)
فابن الأثير يرى أن جملة – لا أبا لك – لا تؤثر في الكلام زيادة أو نقصا ، وأن وجودها في الكلام كخروجها منه ، ولقد غفل عن موضع الحسن وفائدة الإعتراض في البيتين غفلة واضحة ، فجملة – لا أبا لك – كثيرا ما تأتي في مواضع الضجر ، والضيق ، والعتاب ، والردعلىافتراءات الوشاة ، فالنابغة في البيت الأول يرثي النعمان بن المنذر ، فكم أوقع الوشاة بينهما ، وكم لقي من الآلام بسبب وشاياتهم ، فهو في ضيق من هؤلاء الناس ، كما أنه يعاني آلام الحزن بسبب موت النعمان الذي كان يحبه ويمدحه ، كل هذه المشاعر أبرزتها جملة – لا أبا لك - ، ولو لم يشتمل البيت على جملة الإعتراض – لا أبا لك – ما استطعنا أن نحس بما يعانيه الشاعر من آلام ، وبما يعتمل في صدره من مشاعر .
وفي البيت الثاني نجد الشاعر زهير قد بلغ من العمر أرذله ، فقد عاش ثمانين حولا ، وليس له من يساعده على تحمل تكاليف الحياة ، ومشقات العيش ، فقد كره البقاء في الدنيا ، وزهد فيها ، ولا تجد جملة تعبر عما في نفسه من مشاعر اليأس والضيق ، كما تعبر عنه جملة –لا أبا لك - .
ويستشهد ابن الأثير للضرب الثاني ، وهو الذي يؤثر في الكلام نقصا ، وفي المعنى فسادا ، بقوله : [ فمما ورد منه قول بعضهم :
نظرت وشخصي – مطلع الشمس – ظله إلى الغرب حتى ظله الشمس قد عقل .
أراد : نظرت مطلع الشمس ، وشخصي ظله إلى الغرب حتى عقل الشمس ، أي : حاذاها ، وعلى هذا التقدير فقد فصل بمطلع الشمس بين المبتدأ الذي هو : شخصي ، وبين خبره الجملة ، وهو قوله : ظله إلى الغرب ، وأغلظ من ذلك ، أنه فصل بين الفعل وفاعله بالأجنبي ، وهذا وأمثاله مما يفسد المعاني ويورثها اختلالا . ] (57)
وواضح أن قوله : مطلع الشمس لم يقع اعتراضا كما توهم ابن الأثير ، وذلك أن الإعتراض ينبغي أن لا يكون له موضع من الإعراب كما اشترط البلاغيون ، ومطلع الشمس له موقع من الإعراب ، فهو إما مفعول به لنظرت ، أي : نظرت مطلع الشمس ، أو منصوب على نزع الخافض ، أي : نظرت إلى مطلع الشمس . ومن هنا يتبين لنا مدى تخبط ابن الأثير في تحديد مفهوم الإعتراض ، وكشف أسراره البلاغية .
ولذلك لم يرتض الحلي ( 750هـ) تسمية الإعتراض بالحشو ، فقال : [ وسماه قوم حشوا ، وليس بصحيح ، للفرق الواضح بينهما ، وهو أن الإعتراض يفيد زيادة معنى في غرض الشاعر ، والحشو لإقامة الوزن فقط .. إلى أن يقول : وأما الإعتراض : ففيه من المحاسن المتممة للمعنى المقصود ما يكاد يمتاز على أكثر الأنواع ] (58).
وذكر علي بن معصوم المدني ( 1120هـ) له عدة مصطلحات ، ولكنه عقد له فصلا باسم : الاعتراض ، وقال :إنه [ متى خلا عن نكتة سمي حشوا ، فلا يعد حينئذ من البديع ، بل هو من المستهجن ](59)
ج - الإعتراض من مقتضيات النظم :
من خلال ما سبق يتضح أن الإعتراض إذا وقع موقعه المناسب في السياق ، فإنه يكون من مقتضيات النظم ، ومن متطلبات المقام ، ذلك لأنه كثيرا ما يقع مؤكدا لمفهوم الكلام الذي وقع فيه ، ومقررا له في نفوس السامعين ، وذلك كما في قوله تعالى في وصف المنافقين : ( أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين . يكاد البرق يخطف أبصارهم .. الآية )(60) .
ذكر المفسرون أن قوله تعالى : ( والله محيط بالكافرين ) جملة معترضة بين جملتين من قصة واحدة ، وهما : ( يجعلون أصابعهم ) و ( يكاد البرق ) ، وفي هذا الإعتراض تنبيه وتأكيد على هلاك المنافقين الذين يتخبطون ، فلا يدرون أي طريق يسلكون ، فيصورهم في صورة قوم يسيرون في الظلام ، وقد نزل بهم مطر شديد ، صحبه رعد وبرق ، فهم لا يرون طريقهم ، ولا يهتدون إلى غايتهم ، ونكرت ( صيب ) ، لأنه أريد نوع من المطر شديد هائل ، كما نكرت
وفي قوله : ( يجعلون أصابعهم في آذانهم ) إشعار بشدة عنايتهم لسد آذانهم ، ومبالغتهم في إدخال أناملهم فيها ، كأن كل واحد منهم يحاول بما دهمه من الخوف أن يغرس أصابعه كلها في أذنيه ، حتى لا يكون للصوت منفذ إلى سمعه ، فتأتي الجملة الإعتراضية ( والله محيط بالكافرين ) لتؤكد
أنه لا نجاة لهم ولا مهرب ، فقد أحاط بهم الهلاك من كل ناحية (61) .
ومنه قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن – الله أعلم بإيمانهن – فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار .. الآية ) (62)
ذكر المفسرون أن قوله تعالى : ( الله أعلم بإ يما نهن ) جملة معترضة ، لبيان أن معرفة خفايا القلوب ، مردها إلى الله وحده ، أي أن الله وحده يعلم سرائرهن ، ولكن عليكم معرفة الظاهر بما تستطيعونه من الدلائل . ولو لم تأت جملة الإعتراض لكان المعنى على أن المؤمنين مطالبون بمعرفة حقيقة إيمانهن ، ظاهرا وباطنا ، وهو أمر ليس في مقدورهم ، لذلك كانوا يكتفون بتحليف المرأة المهاجرة بالله ، ما خرجت رغبة بأرض عن أرض ، وما خرجت من بغض زوج ، وما خرجت إلتماسا لدنيا ، وما خرجت إلا حبا لله ورسوله .(63)
ومما جاء فيه الإعتراض مؤكدا لمفهوم الكلام الذي وقع فيه قوله نعالى : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد – وهو الحق من ربهم – كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم )(64) فقوله وهو الحق من ربهم ) جملة معترضة ، فائدتها تأكيد مفهوم الكلام الذي جاء فيه الإعتراض ، فالله تعالى خص الإيمان بما أنزل على الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم – من بين ما يجب الإيمان به ، تعظيما لشأنه ، وتأكيدا لأهمية الإيمان به ، لأنه لا يصح الإيمان ، ولا يتم إلا به ، وقد أكد ذلك بالجملة المعترضة ( وهو الحق من ربهم ) . وقد أشار الآلوسي إلى وجه التأكيد بها ، حيث قال : [ وهي جملة معترضة بين المبتدأ والخبر ، مفيدة لحصر الحقيقة فيه ](65) .
المبحث الثاني :
الفرق بين الجملة المعترضة وما يلتبس بها من الجمل النحوية ،
وبعض المصطلحات البلاغية .
أولا - الفرق بين الجملة المعترضة والجملتين : الحالية ، والإستئنافية :
أ - الفرق بين الجملة المعترضة والجملة الحالية :
قد تشتبه الجملة الحالية بالجملة الإعتراضية ، والتفريق بينهما يعتمد في الأصل على إدراك الوظائف المعنوية الخاصة بكل منهما ، وهناك فروق شكلية بين الجملتين ذكرها ابن هشام (66).
ومن هذه الفوارق :
1- ان الجملة الحالية : من الجمل التي لها محل من الإعراب ، فهي تقع موقع المفرد وتنوب عنه في إعرابه ، أما الجملة الإعتراضية : فهي من الجمل التي لا محل لها من الإعراب .
2- أجاز النحاة أن تتصدر الجملة الإعتراضية بدليل استقبال ، مثل : السين ، أو سوف ، أو لن ، أو لا .كقوله تعالى : ( فإن لم تفعلوا – ولن تفعلوا – فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة ..) (67) ، أما الجملة الحالية فقد أتت خالية من أدوات الإستقبال .
3- قد تكون الجملة الإعتراضية إنشائية ، أو طلبية ، أما الجملة الحالية : فقد اشترط النحاة أن تكون خبرية ، ولا تكون جملة طلبية ، ولا تعجبية .
وقد جوز محمد بن رضوان المحلي (68) وقوع جملة النهي حالا ، نحو :
اطلب ولا تضجر من مطلب فآفة الطالب أن يضجرا .
فـ ( لا ) ناهية ، والواو : للحال ، والصواب : أنها واو العطف ، مثل قوله تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ..الآية )(69).
ومن الإنشاء الطلبي : الجملة الأمرية ، في قوله تعالى : ( ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم – قل إن الهدى هدى الله – أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم .. الآية ) (70) ، فجملة : ( قل إن الهدى هدى الله ) إعتراضية ، ( ساقها الله تعالى ، للمسارعة بالرد على ما تواصى به بعض اليهود فيما بينهم من أقوال خبيثة ، وأفكار ماكرة .حتى يزداد المؤمنون على إيمانهم ، ويزدادوا هم رجسا إلى رجسهم ، وينكشف ما أضمروه ، وما بيتوه للمؤمنين من سوء وحقد )(71) كما أفاد الإعتراض : أن الهدى بيد الله ، فإذا قدره لكم ، لم يضركم مكرهم .
4- جواز اقتران الجملة الإعتراضية بالفاء ، وامتناع ذلك في الحالية ، كقوله تعالى : ( ومن دونهما جنتان – فبأي آلاء ربكما تكذبان – مدهامتان ) (72) . وفائدة الاعتراض هنا للتنبيه ( على أن تكذيب كل من الموصوف والصفة ، حقيق بالإنكار والتوبيخ )(73)
ومن قبيل ذلك - إذ- : التعليلية ،نحو قول الله عز وجل ( ولن ينفعكم اليم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون ) (74) ، وتحمل على ذلك أيضا – حتى الإبتدائية – في مثل قول الله عز وجل : ( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار) (75).أما الجملة الحالية فلا يجوز أن تقترن بواحد من هذه الأحرف .(76)
5- لجملة الحال دلالات ، وأغراض بلاغية ، تختلف عن دلالات وأغراض الجملة المعترضة ، منها :
أ?- جملة الحال تبين هيئة صاحب الحال ، نحو قول الله عز وجل : ( أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون )(77) ، فجملة ( وهم نائمون ) : مبينة لهيئة أولئك القوم العائد عليهم ضمير الغيبة .
ب?- تقييد الفعل ، نحو قول الله عز وجل : ( با أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ) (78) ، فقد جاءت جملة ( وأنتم سكارى ) لتقييد النهي عند قرب الصلاة بحالة محددة ، وهي كونهم سكارى ، فإذا زال القيد بطل النهي (79)
ت?- توكيد معنى الجملة الأساسية ، نحو قول الله تعالى : ( فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون )(80) فجملة الحال ( وهم معرضون ) : ليست قيدا لفعل التولية ، وليست مبينة لهيئة فاعله ، لأن التولية تتضمن معنى الإعراض ، وإنما جاءت تأكيدا وتحقيقا لمعنى الفعل ( تولوا ) . إلى غير ذلك من الدلالات والأغراض التي تختلف عن دلالات وأغراض الجملة المعترضة .(81)
يتبع
ADMIN الادارة
الدولة : المزاج : عدد المساهمات : 2362 تاريخ التسجيل : 06/05/2011الموقع : سوريا لايÙ
الاوسمة :
موضوع: رد: الجملة وأنواعها... الخميس يوليو 14, 2011 12:21 am
تابع :
الفصل الثاني
الجملة المعترضة ، مفهومها ، وأغراضها البيانية
المبحث الأول :
أ - تعريف الجملة المعترضة :
1- الاعتراض لغة : - المنع ، يقال : ( اعترض الشيئ ، صار عارضا ، كالخشبة المعترضة في النهر ، يقال : اعترض الشيئ دون الشيئ ، أي : حال دونه ) .(37)
قال ابن فارس ( 395هـ) : ( إن من سنن العرب أن يعترض بين الكلام وتمامه ، كلام لا يكون إلا مفيدا ) (38). وهذا المعترض هو ما اصطلح على تسميته بالجملة الإعتراضية .
2- الجملة الاعتراضية في الاصطلاح : [ أنها تأتي في أثناء الكلام – وليس المراد بالكلام هنا : المسند والمسند إليه فقط ، بل جميع ما يتعلق به من الفضلات والتوابع – فاصلة بين متلازمين ، سواء أكانا مفردين ، أو كانا جملتين متصلتين معنى ، وذلك لإفادة الكلام تقوية ، أو إيضاحا وبيانا ، لنكتة سوى دفع الإيهام ].(39) وعرفها الزركشي بقوله : [ هو أن يؤتى في أثناء الكلام ، أو كلامين متصلين معنى ، بشيئ يتم الغرض الأصلي بدونه ، ولا يفوت بفواته ، فيكون فاصلا بين الكلام أو الكلامين لنكتة .. ثم يقول : وقال الشيخ عز الدين في أماليه : ( الجملة المعترضة تارة تكون مؤكدة ، وتارة تكون مشددة ، لأنها إما ألا تدل على معنى زائد على ما دل عليه الكلام ، بل دلت عليه فقط ، فهي مؤكدة ، وإما أن تدل عليه وعلى معنى زائد ، فهي مشددة ](40)
وعلى هذا يكون الإعتراض مباينا لكل من : التذييل ، والتكميل ، والتتميم .
ب - مفهوم البلاغيين للإعتراض والرد عليهم :
يعتبر مفهوم الإعتراض عند البلاغيين أعم من مفهومه عند النحاة ، لأن البلاغيين يعتبرون أن الجملة الواقعة بين الكلامين المتصلين معنى لا لفظا ، جملة معترضة ، أما النحاة فلا يعتبرونها إعتراضية ، حتى يكون بين ما قبلها وما بعدها اتصال لفظي .
كما اختلفت وجهة نظر بعض البلاغيين في تحديد مفهوم الإعتراض ، فقد عرفه أبو هلال العسكري ( 395هـ) بقوله :[هو اعتراض كلام في كلام لم يتم ، ثم يرجع إليه فيتمه .](41) ، فلم يشترط أن يكون الإعتراض جملة ، أو أن يكون له محل من الإعراب ، أو ليس له محل ، لكن أكثر البلاغيين اشترطوا أن يكون الإعتراض جملة أو أكثر ، وأن لا يكون له محل من الإعراب كما اتضح من تعريفهم له حيث عرفوه بقوله : [ هو أن يؤتى في أثناء الكلام ، أو بين كلامين متصلين معنى بجملة أو أكثر ، لا محل لها من الإعراب ، لنكتة ] (42).
قال القزويني ( 739هـ ) في التلخيص : [ ثم جوز بعضهم وقوعه آخر جملة لا تليها جملة متصلة بها ، فيشمل التذييل ، وبعض صور التكميل ، وبعضهم كونه غير جملة ، فيشمل بعض صور التتميم والتكميل ](43) . وقال في الإيضاح : [ ومن الناس من لا يقيد فائدة الإعتراض بما ذكرنا ، بل يجوز أن تكون دفع توهم ما يخالف المقصود .] (44) ، أي : يجيزون في النكتة في الإعتراض أن تكون لدفع إيهام خلاف المقصود ، فيتضح من كلامه أن هناك فرقتين تخالفان رأي الجمهور ،(45) الذي سبق عرضه .
فالفرقة الأولى : لا تشترط في الإعتراض أن يكون واقعا في أثناء الكلام ، أو بين كلامين متصلين معنى ، بل تجوز أن يقع في آخر الكلام ، أو يليه غير متصل به معنى ، فالاعتراض عند هؤلاء : هو أن يؤتى في أثناء الكلام، أو في آخره ، أو بين كلامين متصلين ، أو غير متصلين ، بجملة أو أكثر ، لا محل لها من الإعراب ، لنكتة .. وبهذا يشعر كلام الزمخشري( 528هـ) في مواضع من الكشاف (46). ، حيث قال في تفسير قوله تعالى : ( ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا ) (47) ، [ فإن قلت : ما موقع هذه الجملة .؟ قلت : هي جملة إعتراضية ، لا محل لها من الإعراب .. ثم يقول : فائدتها تأكيد وجوب اتباع ملته ، لأن من بلغ من الزلفى عند الله أن اتخذه خليلا ، كان جديرا بأن تتبع ملته وطريقته ، ولو جعلتها معطوفة على الجملة قبلها لم يكن لها معنى .] (48)
وقد أطلق البلاغيون على ما جاء من الأساليب على هذه الطريقة مصطلح : التذييل . وهو ما ذكره الآلوسي ( 1270هـ) في تفسيره للآية السابقة ، حيث قال : [ واتخذ الله إبراهيم : تذييل ، جيء به للترغيب في اتباع ملته – عليه السلام - ](49).
أما الفرقة الثانية : فيجيزون كونه غير جملة ، لكنهم يشترطون وقوعه في أثناء الكلام ، فلا يقع بين كلامين لا اتصال بينهما ، فلم يخالفوا الجمهور في ذلك ، بل خالفوا الجمهور في قولهم : بأن النكتة قد تكون لدفع إيهام خلاف المقصود ، وفي كون الإعتراض جملة لها محل من الإعراب ، أو مفردا . فالاعتراض عند هؤلاء يشمل من التتميم ما كان بغير جملة في أثناء الكلام ، ومن التكميل ما كان واقعا في أثناء الكلام مفردا ، أو جملة ، أو بين كلامين متصلين . وقد علق صاحب المطول على ما ذكره القزويني بقوله : [ ففي الجملة : كلامه لا يخلو من خبط ](50)
لذا نميل إلى رأي الجمهور ، لأننا علمنا مما سبق ، أن الإعتراض جملة لا محل لها من الإعراب ،
أما التتميم فيكون بفضلة ، والفضلة لها محل من الإعراب .
والإعتراض : لا يكون لدفع الإيهام ، وبهذا يختلف عن التكميل .
والإعتراض وإن شمل بعض صور التذييل ، – إذا كانت بجملة لا محل لها من الإعراب ، وقعت بين كلامين متصلين معنى ، واشتملت على معنى ما قبلها ، فتكون مؤكدة ، فيجتمع فيها التذييل لكونها مؤكدة ، والإعتراض لكونها لا محل لها من الإعراب – إلا أن التذييل خاص بالتأكيد ، وهو في هذا يفترق عن الإعتراض .
وخلط بعضهم بين الإعتراض والإلتفات ، قال ابن رشيق ( 463هـ) : [ باب الإلتفات : وهو الإعتراض عند قوم ، وسماه آخرون الإستدراك ، حكاه قدامة . وسبيله : أن يكون الشاعر آخذا في معنى ، فيعرض له غيره ، فيعدل عن الأول إلى الثاني فيأتي به ، ثم يعود إلى الأول من غير أن يخل بالثاني في شيء ، بل يكون مما يشد الأول ، كقول كثير :
لو أن الباخلين - وأنت منهم - رأوك تعلموا منك المطالا .(51)
فقوله : ( وأنت منهم ) : اعتراض كلام في كلام ، قال ذلك ابن المعتز ، وجعله بابا على حدته بعد باب الإلتفات ، وسائر الناس يجمع بينهما . ](52) .
ومن البلاغيين من بالغ في التقليل من شأنه ، فعده حشوا ، جيئ به لقصد إصلاح الوزن ، وتناسب القوافي ، ومن هؤلاء : ابن سنان الخفاجي الحلبي ( 466هـ) حيث قال : [ ومن وضع الألفاظ موضعها ألا تقع الكلمة حشوا ، وأصل الحشو أن يكون المقصد بها إصلاح الوزن ، أو تناسب القوافي وحرف الروي ، إن كان الكلام منظوما ، وقصد السجع وتأليف الفصول إن كان منثورا ، من غير معنى تفيده أكثر من ذلك .. إلى أن يقول : فمثال الكلمة التي تقع حشوا ، وتفيد معنى حسنا ، قول أبي الطيب :
وتحتقر الدنيا احتقار مجرب يرى كل ما فيها – وحاشاك – فانيا .
لأن – حاشاك – ههنا ، لفظة لم تدخل إلا لكمال الوزن ، لأنك إذا قلت : احتقار مجرب يرى كل ما فيها فانيا ، كان كلامه صحيحا مستقيما ، فقد أفادت مع إصلاح الوزن دعاء حسنا للممدوح في موضعه . ](53) فابن سنان يرى أن الإعتراض يمكن الإستغناء عنه ، وأنه لو أسقط من الكلام صح المعنى بدونه ، وأن جملة – وحاشاك – في البيت المذكور لم يأت بها الشاعر إلا لكمال الوزن ، وأن إفادتها الدعاء معنى طارئ ، لا صلة له بالمعنى الأصلي للكلام الذي وفع فيه الإعتراض ، فإسقاطها من الكلام لا يننقص شيئا من المعنى .
وهذا خطأ في التصور ، فالمقام هنا مقام مدح ، ومواجهة الممدوح بأن - كل ما في الدنيا فان – لايليق ، لأن الممدوح ضمن من يشملهم الفناء ، فلو لم يذكر جملة – وحاشاك – ، لتحول المدح إلى دعاء على الممدوح ، فأصبح لزاما على الشاعر – وفاء لحق المعنى - ، أن يذكر جملة الإعتراض ، لأن معنى الكلام الذي وقع فيه الإعتراض لا يتم إلا بها ، فجملة الإعتراض إذن : من مقتضيات النظم ، ومن متطلبات المقام .
وأدخله السكاكي ( 626هـ)في المحسنات المعنوية ، فبعد أن انتهى من بحث المعاني والبيان ، قال : [ وإذ قد تقرر في علم البلاغة بمرجعيها ، وأن الفصاحة بنوعيها مما يكسو الكلام حلة التزيين ، ويرقيه أعلى درجات التحسين ، فههناوجوه مخصوصة كثيرا ما يصار إليها لقصد تحسين الكلام ، فلا علينا أن نشير إلى الأعرف منها
وهي قسمان : قسم يرجع إلى المعنى ، وقسم يرجع إلى اللفظ ، فمن القسم الأول : المطابقة ، والمشاكلة ، .. إلى أن قال : ومنه الإعتراض .. وعرفه بقوله : ويسمى الحشو ، وهو أن تدرج في الكلام ما يتم المعنى بدونه ] (54)
وقد كان ابن الأثير ( 637هـ ) من أبرز من قللوا من قيمة الإعتراض ، وهونوا من شأنه ، فقد جعل وجوده في الكلام كخروجه منه ، فالمعنى عنده لا يتأثر بالاعتراض وجودا أو عدما ، ولذلك عرفه فقال : [ وحده : كل كلام أدخل فيه لفظ مفرد أو مركب ، لو أسقط لبقي الأول على حاله . ] (55) ثم قسم الإعتراض بعد ذلك إلى قسمين :
[ أحدهما : ما لا يأتي في الكلام إلا لفائدة ، وهو جار مجرى التوكيد ، وقد استشهد لهذا القسم بآيات من القرآن الكريم ، وأبيات من جيد الشعر ، وأبان عن الغرض البلاغي للإعتراض فيها . ثانيهما : وهو الذي يأتي في الكلام لغير فائدة ، وقد قسم هذا القسم إلى ضربين :
الأول : أن يكون دخوله في الكلام كخروجه منه ، لا يكتسب به حسنا ولا قبحا .
والثاني : وهو الذي يؤثر في الكلام نقصا ، وفي المعنى فسادا .
وقد مثل للضرب الأول من القسم الثاني بقوله : ( فمن ذلك قول النابغة :
يقول رجال يجهلون خليقتي لعل زيادا – لا أبالك – غافل .
فقوله : - لا أبالك – من الإعتراض الذي لا فائدة فيه ، وليس مؤثرا في البيت حسنا ولا قبحا .
ومثله قول زهير :
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولا – لاأبا لك - يسأم . ] (56)
فابن الأثير يرى أن جملة – لا أبا لك – لا تؤثر في الكلام زيادة أو نقصا ، وأن وجودها في الكلام كخروجها منه ، ولقد غفل عن موضع الحسن وفائدة الإعتراض في البيتين غفلة واضحة ، فجملة – لا أبا لك – كثيرا ما تأتي في مواضع الضجر ، والضيق ، والعتاب ، والردعلىافتراءات الوشاة ، فالنابغة في البيت الأول يرثي النعمان بن المنذر ، فكم أوقع الوشاة بينهما ، وكم لقي من الآلام بسبب وشاياتهم ، فهو في ضيق من هؤلاء الناس ، كما أنه يعاني آلام الحزن بسبب موت النعمان الذي كان يحبه ويمدحه ، كل هذه المشاعر أبرزتها جملة – لا أبا لك - ، ولو لم يشتمل البيت على جملة الإعتراض – لا أبا لك – ما استطعنا أن نحس بما يعانيه الشاعر من آلام ، وبما يعتمل في صدره من مشاعر .
وفي البيت الثاني نجد الشاعر زهير قد بلغ من العمر أرذله ، فقد عاش ثمانين حولا ، وليس له من يساعده على تحمل تكاليف الحياة ، ومشقات العيش ، فقد كره البقاء في الدنيا ، وزهد فيها ، ولا تجد جملة تعبر عما في نفسه من مشاعر اليأس والضيق ، كما تعبر عنه جملة –لا أبا لك - .
ويستشهد ابن الأثير للضرب الثاني ، وهو الذي يؤثر في الكلام نقصا ، وفي المعنى فسادا ، بقوله : [ فمما ورد منه قول بعضهم :
نظرت وشخصي – مطلع الشمس – ظله إلى الغرب حتى ظله الشمس قد عقل .
أراد : نظرت مطلع الشمس ، وشخصي ظله إلى الغرب حتى عقل الشمس ، أي : حاذاها ، وعلى هذا التقدير فقد فصل بمطلع الشمس بين المبتدأ الذي هو : شخصي ، وبين خبره الجملة ، وهو قوله : ظله إلى الغرب ، وأغلظ من ذلك ، أنه فصل بين الفعل وفاعله بالأجنبي ، وهذا وأمثاله مما يفسد المعاني ويورثها اختلالا . ] (57)
وواضح أن قوله : مطلع الشمس لم يقع اعتراضا كما توهم ابن الأثير ، وذلك أن الإعتراض ينبغي أن لا يكون له موضع من الإعراب كما اشترط البلاغيون ، ومطلع الشمس له موقع من الإعراب ، فهو إما مفعول به لنظرت ، أي : نظرت مطلع الشمس ، أو منصوب على نزع الخافض ، أي : نظرت إلى مطلع الشمس . ومن هنا يتبين لنا مدى تخبط ابن الأثير في تحديد مفهوم الإعتراض ، وكشف أسراره البلاغية .
ولذلك لم يرتض الحلي ( 750هـ) تسمية الإعتراض بالحشو ، فقال : [ وسماه قوم حشوا ، وليس بصحيح ، للفرق الواضح بينهما ، وهو أن الإعتراض يفيد زيادة معنى في غرض الشاعر ، والحشو لإقامة الوزن فقط .. إلى أن يقول : وأما الإعتراض : ففيه من المحاسن المتممة للمعنى المقصود ما يكاد يمتاز على أكثر الأنواع ] (58).
وذكر علي بن معصوم المدني ( 1120هـ) له عدة مصطلحات ، ولكنه عقد له فصلا باسم : الاعتراض ، وقال :إنه [ متى خلا عن نكتة سمي حشوا ، فلا يعد حينئذ من البديع ، بل هو من المستهجن ](59)
ج - الإعتراض من مقتضيات النظم :
من خلال ما سبق يتضح أن الإعتراض إذا وقع موقعه المناسب في السياق ، فإنه يكون من مقتضيات النظم ، ومن متطلبات المقام ، ذلك لأنه كثيرا ما يقع مؤكدا لمفهوم الكلام الذي وقع فيه ، ومقررا له في نفوس السامعين ، وذلك كما في قوله تعالى في وصف المنافقين : ( أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين . يكاد البرق يخطف أبصارهم .. الآية )(60) .
ذكر المفسرون أن قوله تعالى : ( والله محيط بالكافرين ) جملة معترضة بين جملتين من قصة واحدة ، وهما : ( يجعلون أصابعهم ) و ( يكاد البرق ) ، وفي هذا الإعتراض تنبيه وتأكيد على هلاك المنافقين الذين يتخبطون ، فلا يدرون أي طريق يسلكون ، فيصورهم في صورة قوم يسيرون في الظلام ، وقد نزل بهم مطر شديد ، صحبه رعد وبرق ، فهم لا يرون طريقهم ، ولا يهتدون إلى غايتهم ، ونكرت ( صيب ) ، لأنه أريد نوع من المطر شديد هائل ، كما نكرت
وفي قوله : ( يجعلون أصابعهم في آذانهم ) إشعار بشدة عنايتهم لسد آذانهم ، ومبالغتهم في إدخال أناملهم فيها ، كأن كل واحد منهم يحاول بما دهمه من الخوف أن يغرس أصابعه كلها في أذنيه ، حتى لا يكون للصوت منفذ إلى سمعه ، فتأتي الجملة الإعتراضية ( والله محيط بالكافرين ) لتؤكد
أنه لا نجاة لهم ولا مهرب ، فقد أحاط بهم الهلاك من كل ناحية (61) .
ومنه قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن – الله أعلم بإيمانهن – فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار .. الآية ) (62)
ذكر المفسرون أن قوله تعالى : ( الله أعلم بإ يما نهن ) جملة معترضة ، لبيان أن معرفة خفايا القلوب ، مردها إلى الله وحده ، أي أن الله وحده يعلم سرائرهن ، ولكن عليكم معرفة الظاهر بما تستطيعونه من الدلائل . ولو لم تأت جملة الإعتراض لكان المعنى على أن المؤمنين مطالبون بمعرفة حقيقة إيمانهن ، ظاهرا وباطنا ، وهو أمر ليس في مقدورهم ، لذلك كانوا يكتفون بتحليف المرأة المهاجرة بالله ، ما خرجت رغبة بأرض عن أرض ، وما خرجت من بغض زوج ، وما خرجت إلتماسا لدنيا ، وما خرجت إلا حبا لله ورسوله .(63)
ومما جاء فيه الإعتراض مؤكدا لمفهوم الكلام الذي وقع فيه قوله نعالى : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد – وهو الحق من ربهم – كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم )(64) فقوله وهو الحق من ربهم ) جملة معترضة ، فائدتها تأكيد مفهوم الكلام الذي جاء فيه الإعتراض ، فالله تعالى خص الإيمان بما أنزل على الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم – من بين ما يجب الإيمان به ، تعظيما لشأنه ، وتأكيدا لأهمية الإيمان به ، لأنه لا يصح الإيمان ، ولا يتم إلا به ، وقد أكد ذلك بالجملة المعترضة ( وهو الحق من ربهم ) . وقد أشار الآلوسي إلى وجه التأكيد بها ، حيث قال : [ وهي جملة معترضة بين المبتدأ والخبر ، مفيدة لحصر الحقيقة فيه ](65) .
المبحث الثاني :
الفرق بين الجملة المعترضة وما يلتبس بها من الجمل النحوية ،
وبعض المصطلحات البلاغية .
أولا - الفرق بين الجملة المعترضة والجملتين : الحالية ، والإستئنافية :
أ - الفرق بين الجملة المعترضة والجملة الحالية :
قد تشتبه الجملة الحالية بالجملة الإعتراضية ، والتفريق بينهما يعتمد في الأصل على إدراك الوظائف المعنوية الخاصة بكل منهما ، وهناك فروق شكلية بين الجملتين ذكرها ابن هشام (66).
ومن هذه الفوارق :
1- ان الجملة الحالية : من الجمل التي لها محل من الإعراب ، فهي تقع موقع المفرد وتنوب عنه في إعرابه ، أما الجملة الإعتراضية : فهي من الجمل التي لا محل لها من الإعراب .
2- أجاز النحاة أن تتصدر الجملة الإعتراضية بدليل استقبال ، مثل : السين ، أو سوف ، أو لن ، أو لا .كقوله تعالى : ( فإن لم تفعلوا – ولن تفعلوا – فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة ..) (67) ، أما الجملة الحالية فقد أتت خالية من أدوات الإستقبال .
3- قد تكون الجملة الإعتراضية إنشائية ، أو طلبية ، أما الجملة الحالية : فقد اشترط النحاة أن تكون خبرية ، ولا تكون جملة طلبية ، ولا تعجبية .
وقد جوز محمد بن رضوان المحلي (68) وقوع جملة النهي حالا ، نحو :
اطلب ولا تضجر من مطلب فآفة الطالب أن يضجرا .
فـ ( لا ) ناهية ، والواو : للحال ، والصواب : أنها واو العطف ، مثل قوله تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ..الآية )(69).
ومن الإنشاء الطلبي : الجملة الأمرية ، في قوله تعالى : ( ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم – قل إن الهدى هدى الله – أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم .. الآية ) (70) ، فجملة : ( قل إن الهدى هدى الله ) إعتراضية ، ( ساقها الله تعالى ، للمسارعة بالرد على ما تواصى به بعض اليهود فيما بينهم من أقوال خبيثة ، وأفكار ماكرة .حتى يزداد المؤمنون على إيمانهم ، ويزدادوا هم رجسا إلى رجسهم ، وينكشف ما أضمروه ، وما بيتوه للمؤمنين من سوء وحقد )(71) كما أفاد الإعتراض : أن الهدى بيد الله ، فإذا قدره لكم ، لم يضركم مكرهم .
4- جواز اقتران الجملة الإعتراضية بالفاء ، وامتناع ذلك في الحالية ، كقوله تعالى : ( ومن دونهما جنتان – فبأي آلاء ربكما تكذبان – مدهامتان ) (72) . وفائدة الاعتراض هنا للتنبيه ( على أن تكذيب كل من الموصوف والصفة ، حقيق بالإنكار والتوبيخ )(73)
ومن قبيل ذلك - إذ- : التعليلية ،نحو قول الله عز وجل ( ولن ينفعكم اليم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون ) (74) ، وتحمل على ذلك أيضا – حتى الإبتدائية – في مثل قول الله عز وجل : ( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار) (75).أما الجملة الحالية فلا يجوز أن تقترن بواحد من هذه الأحرف .(76)
5- لجملة الحال دلالات ، وأغراض بلاغية ، تختلف عن دلالات وأغراض الجملة المعترضة ، منها :
أ?- جملة الحال تبين هيئة صاحب الحال ، نحو قول الله عز وجل : ( أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون )(77) ، فجملة ( وهم نائمون ) : مبينة لهيئة أولئك القوم العائد عليهم ضمير الغيبة .
ب?- تقييد الفعل ، نحو قول الله عز وجل : ( با أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ) (78) ، فقد جاءت جملة ( وأنتم سكارى ) لتقييد النهي عند قرب الصلاة بحالة محددة ، وهي كونهم سكارى ، فإذا زال القيد بطل النهي (79)
ت?- توكيد معنى الجملة الأساسية ، نحو قول الله تعالى : ( فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون )(80) فجملة الحال ( وهم معرضون ) : ليست قيدا لفعل التولية ، وليست مبينة لهيئة فاعله ، لأن التولية تتضمن معنى الإعراض ، وإنما جاءت تأكيدا وتحقيقا لمعنى الفعل ( تولوا ) . إلى غير ذلك من الدلالات والأغراض التي تختلف عن دلالات وأغراض الجملة المعترضة .(81)
ب- الفرق بين الجملة المعترضة والجملة المستأنفة :
خلط بعض النحاة بين مفهوم الإعتراض ، ومفهوم الإستئناف ، من ذلك مثلا ، ما ذكره الزمخشري عند تفسيره لقوله تعالى : ( قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق إلهاواحدا ونحن له مسلمون ) (82) من أن جملة – ونحن له مسلمون – حال من فاعل
( نعبد ) ، أو من مفعوله ، لرجوع الهاء إليه في له ، ويجوز أن تكون معطوفة على نعبد ، وأن تكون جملة إعتراضية مؤكدة ) (83). فذكر ههنا جواز اعتبار قوله ( ونحن له مسلمون ) جملة معترضة ، والصواب : أنها إستئنافية ، لأن ضابط الإعتراض لا يتحقق فيها على رأي الجمهور .
ومثل ذلك فعل الرضي(84) عند حديثه عن الشرط في الحديث المنسوب للنبي – صلى الله عليه وسلم - : ( اطلبوا العلم ولو في الصين )(85) ، فقال : ( والظاهر أن الواو الداخلة على الشرط في مثله إعتراضية ، ونعني بالجملة الإعتراضية : ما يتوسط بين أجزاء الكلام متعلقا به معنى ، مستأنفا لفظا ، على طريق الإلتفات ، وقد يجيء بعد تمام الكلام ، كقوله – عليه الصلاة والسلام – ( أنا سيد ولد آدم ولا فخر )(86) ، ولا شك أن الرضي ، خلط بين الإعتراض والإستئناف ، فيما ذكره من أمثلة .
ومع أن الجملة الإستئنافية تشارك الجملة المعترضة في أنها من الجمل التي لا محل لها من الإعراب ، إلا أننا لو أمعنا النظر في دلالات وأغراض كل من الجملتين : المعترضة ، والمستأنفة ، لعرفنا الحدود الفارقة ، والفاصلة فيما بين الجملتين .
ومن هذه الفوارق :
1- الجملة الإستئنافية منقطعة عما قبلها صناعيا ، ( أي :غيرمتعلقة بها باتباع ، أو إخبار ، أو وصفية )(87) ، لاستئناف كلام جديد ، فهي لا بد أن يكون قبلها كلام تام .
أما الجملة المعترضة : فهي التي تقع بين شيئين متطالبين ، كالتي تقع بين المبتدأ والخبر ، أو بين ما أصله المبتدأ ، أو ما أصله الخبر ، أو بين الفعل ومعموله ، أو بين الموصوف وصفته ، أو بين المعطوف والمعطوف عليه ، أو بين الشرط وجوابه ، أو بين القسم والمقسم عليه ، أو بين جملتين مستقلتين بينهما علاقة سببية ، أو تفسير ، أو بيان (88). والغرض من إيقاع هذه الجملة بين الشيئين المتلازمين ، إبرازها ووضعها موضع العناية والاهتمام .
2- تختلف دلالات جملة الإستئناف ومعانيها الوظيفية عن دلالات الجملة المعترضة ، وتتلخص فيما يلي :
أ?- التعليل : وذلك إذا كانت جملة الإستئناف تبين الكلام السابق ، أو توضح وجه الفائدة منه ، أو تحتج له وتدل على صحته ، أو بطلانه ، نحو قوله تعالى : ( فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين )(89) فجملة ( إن الله يحب المتوكلين ) تعليلية للأمر بالتوكل على الله .
ب?- التأكيد والتحقيق : يكثر أن تأتي جملة الإستئناف مؤكدة لمضمون الكلام المتقدم عليها ، وقد أوضح عبد القاهر الجرجاني ( 471هـ)أن سر الإستئناف في جملة التوكيد ، إنما يكمن في قوة الرابط المعنوي بين الجملتين ، فيستغنى عن الرابط اللفظي ، وساق أمثلة كثيرة لهذه الجملة . (90)
ومن الإستئناف المفيد للتوكيد ، ما أسماه البلاغيون : التذييل ، كقوله تعالى :
( ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور )(91)
فقوله : ( وهل نجازي إلا الكفور ) استئناف ، غرضه توكيد ما قبله .
ت – التعقيب على الكلام السابق بالمدح أو الذم : نحو قوله تعالى والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين )(92)
فجملة ( نعم أجر العاملين ) ، استئناف سيق لمدح ما تضمنه الكلام السابق من جزاء المؤمنين . ومثله قوله تعالى : ( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون ) (93) فجملة ( فبئس ما يشترون ) استئناف غرضه ذم ما تضمنه الخبر السابق من استهانة بكتاب الله ، وإعراضهم عنه .
ث- تتميم المعنى بما يوافق مقتضى حال السامع : وذلك إذا كان ما قبل الإستئناف بستدعي تساؤل السامع ، فتأتي جملة الإستئناف جوابا لذلك التساؤل المفترض ، [ نحو قوله تعالى : ( قال فرعون وما رب العالمين . قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين .) (94) ولما كان السامع إذا سمع الخبر عن فرعون بأنه قال : وما رب العالمين .؟ وقع في نفسه أنه يقول : فما قال موسى له .؟ أتى قوله : ( قال رب السموات والأرض ) مأتى الجواب ، مبتدأ مفصولا غير معطوف ) ] (95)
ثانيا : - الفرق بين الإعتراض وبعض المصطلحات البلاغية ، كالتذييل ، والإلتفات :
أ?- الفرق بين الإعتراض والتذييل :
قد يقصد المتكلم إلى تأكيد معنى من المعاني ، فيزيد في كلامه ما يؤدي هذا القصد ، وألوان التأكيد كثيرة ، ومنه لون يسمى : التذييل .
وهو إعادة للألفاظ على المعنى بعينه ، حتى يظهر لمن لم يفهمه ، ويتأكد عند من فهمه ، وهو ضد الإشارة والتعريض ، وينبغي أن يستعمل في المواطن الجامعة ، والمواقف الحافلة ، لأن تلك المواطن تجمع البطيئ الفهم ، والثاقب القريحة ، ولماح الخاطر .
قال الأستاذ الدكتور فضل حسن عباس في تعريفه : ( بأنه تعقيب الجملة بجملة أخرى متفقة معها في المعنى ، تأكيدا للجملة الأولى ) .(96) وهو ضربان :
1- ضرب جار مجرى المثل : وذلك إذا كانت جملة التذييل مستقلة بمعناها ، مستغنية عما قبلها ، بحيث تتضمن حكما كليا ، فتجري مجرى المثل في الإستقلال ، وكثرة الإستعمال . من ذلك قوله تعالى : ( وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ) (97)
فالمعنى الأصلي تم عند قوله : ( وزهق الباطل ) ، ثم جاء التذييل بقوله : ( إن الباطل كان زهوقا ) لتأكيد معنى الجملة السابقة ، مع أنه مستقل بمعناه ، لا يتوقف فهمه على فهم ما قبله ، ومثل هذا التذييل يقال له : إنه جار مجرى المثل .
2 - وضرب غير جار مجرى المثل : وذلك إذا كانت الجملة غير مستقلة بمعناها ، فلا يفهم الغرض منها إلا بمعونة ما قبلها ، ومن ذلك قوله تعالى : ( ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور )(98). فالمعنى الأصلي تم عند الجملة الأولى ، ثم أعقبها جملة التذييل : ( وهل نجازي إلا الكفور ) لتأكيد مفهومها . والتذييل هنا يتوقف مدلوله على الجملة السابقة عليه ، إذ لا يفهم المقصود منه إلا بمعونتها ، ومثل هذا يقال له : إنه غير جار مجرى المثل .
وإذا كان التذييل على ضربين ، فإن التأكيد به على ضربين كذلك :
أ?- ضرب يكون التذييل فيه تأكيدا لمنطوق الكلام السابق عليه ، وهذا يتحقق باشتراك ألفاظ الجملتين في موادهما ، ومثل ذلك قوله تعالى : ( وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ) (99) فألفاظ جملة التذييل مشتركة مع الجملة السابقة عليها في مادتها ، مع أن الجملة الأولى فعلية ، والثانية : اسمية .
ب?- وضرب يكون التذييل فيه مؤكدا لمفهوم الكلام السابق عليه ، فلا اشتراك بين الجملتين في الألفاظ ، ومنه قوله سبحانه : ( وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء )(100) فالجملة الأولى تدل بمفهومها على أن النفس بطبيعتها ميالة للسوء ، نزاعة للهوى ، بحيث لا تبرأ من الميل عن الجادة ، وهذا المعنى الذي فهم يؤكده التذييل .
ومن كل ما سلف يتبين أن التذييل يقع في آخر الكلام ، أما الإعتراض فيكون بين كلامين متصلين لفظا أو معنى ، كما أن أغراض كل منهما تختلف عن أغراض الأخر ، فالتذييل خاص بالتأكيد ، أما أغراض الإعتراض فكثيرة ، وهي مغايرة لأغراض التذييل .
ت?- الفرق بين الإعتراض والإلتفات :
الإلتفات فن من فنون البلاغة ، مأخوذ من التفات الإنسان من يمينه إلى شماله ، ومن شماله إلى يمينه ، فإذا قلت : لفت فلان فلانا عن رأيه ، فالمعنى : لواه وصرفه عنه ، وهكذا نرى مادة الكلمة تدور حول اللي والصرف .(101)
ويرى جمهور البلاغيين أن الإلتفات يتحقق في الكلام بإخراجه من أحد طرق التعبير الثلاثة : التكلم ، والخطاب ، والغيبة ، إلى طريق آخر من هذه الطرق الثلاثة أيضا . (102)
كما خلط المتقدمون من البلاغيين بين الإلتفات ، والإعتراض .
فسمىقدامة (337هـ) الإعتراض : التفاتا .(103)
وقال الحاتمي عن الإلتفات : ( وقد سماه قوم الإعتراض )(104)
وذكر الباقلاني( 403هـ) الإلتفات باسمه ، وخلط بينه وبين الإعتراض ، فقال : ( ومن البديع الإلتفات ، إلى أن يقول : ومنهم من لا يعد الإعتراض والرجوع من هذا الباب .) (105)
وقال ابن رشيق ( 463هـ)عن الإلتفات : ( وهوالإعتراض عند قوم )(106)
وقال الصنعاني : ( ومن أنواع الفصاحة : الإلتفات ، ويسمى الإعتراض )(107).وقد تجادل البلاغيون حول القيمة الفنية للالتفات ، وصوره ، وأغراضه البلاغية ، وهي من غير شك تغاير بلاغة الإعتراض ، فانظرها في مظانها (108). ولا حجة لمن خلط بينهما .
المبحث الثالث
الأغراض البلاغية للجملة الإعتراضية :
يأتي الإعتراض - إضافة إلى أنه مؤكد لمفهوم الكلام الذي وقع فيه ، ومقرر له في نفوس السامعين - لأغراض بلاغية كثيرة منها :
1- التنزيه : كقوله سبحانه : ( ويجعلون لله البنات- سبحانه- ولهم ما يشتهون ) (109) فقوله : ( سبحانه ) : معترضة ، للمبادرة إلى تنزيه الله عن اتخاذ البنات ، و – سبحانه - : واقعة موقع المصدر الذي هو التنزيه ، فكأنه قيل : أنزهه تنزيها ، عما يقوله أولئك الخراصون .
[ وهم : خزاعة وكنانة ، كانوا يقولون : الملائكة بنات الله تعالى ، وكأنهم لجهلهم زعموا تأنيثها وبنوتها . و ( سبحانه ) : تنزيه وتقديس له تعالى شأنه عن مضمون قولهم ذلك ، أو تعجيب من جراءتهم على التفوه بمثل تلك العظيمة ، وهو في المعنى الأول حقيقة ، وفي الثاني مجاز ] (110) ووقوع التنزيه قبل تمام الكلام ، فيه إشارة إلى شناعة هذا الكلام وفظاعته .
3- للتسديد : كقوله سبحانه : ( وإذا بدلناآية مكان آية – والله أعلم بما ينزل – قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون ) (111) فقوله تعالى - والله أعلم بما ينزل - : [ جملة معترضة بين الشرط وجوابه ، للمسارعة إلى توبيخ المشركين ، وتجهيلهم ] (112) .
وأفادت جملة الإعتراض : أن تبديل آية مكان آية ، كان لحكمةيعلمها الله ، فالله عليم بما ينزل من الآيات ، وما سيبدل منها ، ولو حذفت جملة الإعتراض ، لم يكن في الآية إشارة إلى أن تبديل الآيات يتم بعلم الله ، ومن هنا كانت جملة الإعتراض مسددة للمعنى تسديدا تاما . قال الآلوسي : ( والجملة إما معترضة لتوبيخ الكفرة ، والتنبيه على فساد رأيهم ، وفي الالتفات إلى الغيبة ، مع الاسناد إلى الاسم الجليل ، ما لا يخفى من تربية المهابة ، وتحقيق معنى الاعتراض . أو حالية ، كما قال أبو البقاء وغيره ) (113)
3- للتنبيه على أمر هام : نحو قوله تعالى : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم – ومن يغفر الذنوب إلا الله – ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ) (114)
أفاد الإعتراض : الحث على الإستغفار ، والتنبيه على أن الله سبحانه هو الغفور لعباده ، فالمغفرة لا تكون إلا منه سبحانه ، وفي ذلك ترغيب للمذنبين وتنشيط لهم أن يقفوا في مواقف الخضوع والتذلل ، غير يائسين من عفوه تعالى ، ورحمته الواسعة . (115) .
وورود هذا التركيب – ومن يغفر الذنوب إلا الله – على هذا النحو ، يدل على أمور عدة منها :
أولا :- دلالة اسم الذات بحسب ما يقتضيه المقام من معنى الغفران الواسع ، وإيراد التركيب على صيغة الإنشاء دون الإخبار ، فلم يقل : (وما يغفر الذنوب إلا الله )، تقرير لذلك المعنى ، وتأكيد له ، كأنه قيل : هل تعرفون أحدا يقدر على غفران الذنوب كلها صغيرها وكبيرها ، وسالفها ، وغابرها ، غير من وسعت رحمته كل شيء ..؟
ثانيا : - الإتيان بالجمع المحلى باللام في قوله : ( الذنوب ) ، إعلام بأن التائب إذا تقدم بالاستغفار ، يتلقى بغفران ذنوبه كلها ، فيصير كمن لا ذنب له .
ثالثا : - دلالة النفي بالحصر والإثبات ، على أنه لا مفزع للمذنبين إلا كرمه وفضله ، وذلك أن من وسعت رحمته كل شيئ ، لا يشاركه أحد في نشرها كرما وفضلا .
رابعا : - في إبداء سعة الرحمة ، واستعجال المغفرة ، بشارة عظيمة ، وتطييبا للنفوس ، فإذا نظر العبد إلى هذه العناية الشديدة ، والإهتمام العظيم في شأن التوبة ، يتحرك نشاطه ، ويهتز عطفه ، فلا يتقاعس عنها .(116)
4- لدفع الإيهام : وذلك كما في قوله تعالى : ( إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله ، والله يعلم إنك لرسوله ، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ) .(117)
عد المفسرون قوله تعالى : ( والله يعلم إنك لرسوله ) جملة معترضة ، مقررة لمضمون ما قبلها من كونه صلى الله عليه وسلم – رسول من عند الله تعالى حقا .
وفائدة الاعتراض : أنه لو اتصل التكذيب بقولهم ، لربما توهم أن قولهم في حد ذاته كذب ، فأتبع بالاعتراض لدفع هذا الإيهام (118).
قال في حاشية زادة : [ فإن قلت : أي فائدة في أنه جيء بقوله : ( والله يعلم إنك لرسوله ) جملة معترضة ، بين قوله : ( نشهد إنك لرسول الله ) وبين قوله : ( والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ) ؟ قلنا : جيء بها لفائدة ، وهي : إنه لو قيل : قالوا نشهد إنك لرسول الله ، والله يشهد إنهم لكاذبون ، لكان يوهم أن قولهم هذا كذب ، فوسط بينهما قوله تعالى ( والله يعلم إنك لرسوله ) ليزول هذا الوهم . ] (119)
5- للتعظيم : - وذلك كما في قوله تعالى : ( فلا أقسم بمواقع النجوم . وإنه لقسم لو تعلمون عظيم . إنه لقرآن كريم .في كتاب مكنون ) (120)
قال يحيى بن حمزة العلوي : [ ففي هذه الآية إعتراضان :
أحدهما : بجملة اسمية إبتدائية ، وهو قوله : (وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ) فأتى به إعتراضا بين القسم وجوابه ، وإنماأتى به على قصد المبالغة للمقسم به ، واهتماما بذكر حاله قبل جواب القسم ، وفيه الإعظام له ، والتفخيم لشأنه ، وذلك يكون أوقع في النفوس ، وأدخل في البلاغة .
وثانيهما : بجملة فعلية بين الصفة والموصوف ، وهو قوله ( لو تعلمون ) فإنه وسطه بين الصفة وموصوفها تفخيما لشأنه ، وتعظيما لأمره . كأنه قال : وإنه لقسم لو تعلمون حاله أو تحققتم أمره ، لعرفتم عظمة وفخامة شأنه ، فهذان الإعتراضان قد اختصا بمزيد البلاغة ، وموقع الفخامة مبلغا لا ينال ](121)
6 - للتوبيخ : - ومما جاء من الإعتراض مفيدا للتوبيخ قوله تعالى : ( فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون - ونحن أقرب إليه منكم - ولكن لا تبصرون ) .(122)
ذكر المفسرون أن قوله – ونحن أقرب إليه منكم – جملة معترضة بين جملة ( وأنتم حينئذ تنظرون) وجملة ( ولكن لا تبصرون ) ، أفادت أن ثمة حضورا أقرب من حضورهم عند المحتضر ، وأكدت ما سيق له الكلام من توبيخهم على صدور ما يدل على سوء اعتقادهم بربهم - سبحانه –منهم ، والمعنى : إذا كنتم أيها الجاحدون المكذبون لم تعتبروا ولم تتعظوا بكل ما سقناه لكم من ترغيب وترهيب ، على لسان رسولنا محمد – صلى الله عليه وسلم – قهلا اعتبرتم واتعظتم وآمنتم بوحدانيتنا وقدرتنا ، حين ترون أعز وأحب إنسان إليكم ، وقد بلغت روحه حلقومه ، أوشكت على أن تفارق جسده ، وأنتم أيها المحيطون بهذا المحتضر العزيز عليكم ، حين وصل الأمر به إلى تلك الحالة ، التي تنذر بقرب نهايته ، تنظرون إلى ما يقاسيه من غمرات الموت ، وتبصرون ما فيه من شدة وكرب ، وتحرصون كل الحرص على إنجائه مما حل به ، ولكن حرصكم يذهب أدراج الرياح ، ونحن أقرب إليه منكم ، ولكنكم لا تدركون ذلك ، بقدرتنا النافذة ، وحكمتنا البالغة . (123)
7 - لتخصيص أحد المذكورين بزيادة التأكيد في أمر يتعلق بهما :
كما في قوله تعالى : ( ووصينا الإنان بوالديه – حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين – أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير ) (124). فقوله سبحانه : ( حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين ) ، إعتراض بين قوله ( ووصينا الإنسان بوالديه ) وبين الموصى به ( أن اشكر لي ولوالديك ) ، وفائدة هذا الإعتراض : هو توجيه نظر الأبناء إلى الإهتمام بالأم أكثر من الإهتمام بالأب لضعفها، فذكر ما تكابده الأم ، وتعانيه من المشاق والمتاعب ، في حمله وفصاله ، هذه المدة المتطاولة ، إيجابا للتوصية بالوالدة خصوصا (125).
8 - للتعجيز والتحدي : كقوله تعالى : ( وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين . فإن لم تفعلوا - ولن تفعلوا - فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين )(126)
فقوله تعالى ، ( ولن تفعلوا ) جملة معترضة بين الشرط وهو قوله : ( فإن لم تفعلوا ) وبين جوابه ، وهو قوله : ( فاتقوا النار ) ، لا محل لها من الإعراب ، جيء بها لتأكيد عجزهم عن معارضته ، وأن ذلك غير متاح لهم ، ولو تظافرت هممهم عليه .
كما نبه بالاعتراض على عجز المخاطبين في المستقبل ، عن الإتيان بسورة من مثل سور القرآن ، حتى لا يتوهم المخاطبون أنهم قادرون على ذلك في المستقبل ، وإن لم يكونوا قادرين عليه في الماضي ، أو الحاضر .
قال الدكتور تمام حسان : إن قوله : - ولن تفعلوا - : ( اعتراض للتعجيز والتحدي ، بواسطة تأبيد النفي مستقبلا ) (127)
وقال الآلوسي : ( والجملة _ ولن تفعلوا - اعتراض بين جزأي الشرطية ، مقرر لمضمون مقدمها ، ومؤكد لإيجاب العمل بتاليها ، وهذه معجزة باهرة ، حيثأخبر بالغيب الخاص علمه به سبحانه ، وقد وقع الأمر كذلك ، كيف لا ، ولو عارضوه بشيء يدانيه ، لتناقلته الرواة ، لتوفر الدواعي . وما أتى به مسيلمة لم يقصد به المعارضة ، وإنما ادعاه وحيا . ) (128)
والمعنى : إن ارتبتم أيها المشركون في شأن القرآن الذي أنزلنا على عبدنا محمد – صلى الله عليه وسلم - فأتوا بسورة من مثله في سمو الرتبة ، وعلو الطبقة ، [ وادعوا آلهتكم ، وبلغاءكم ، وجميع البشر ليعينوكم ، أو ليشهدوا لكم أنكم أتيتم بما يماثله ، في حكمة معانيه ،وحسن بيانه . وفي هذه الآية الكريمة إثارة لحماستهم ، إذ عرض بعدم صدقهم ، فتتوفر دواعيهم على المعارضة التي زعموا أنهم أهل لها . ](129)
هذه نماذج مما ذكره البيانيون ، والمفسرون ، من أغراض بلاغية للجملة المعترضة ، وليس غرضي الإستقصاء ، فذلك أمر بعيد المنال ، لا يتسع له هذا البحث ، وأكتفي من القلادة ما يحيط بالعنق .
الخاتمة
على ضوء من الدراسة السابقة ، يمكنني تسجيل النتائج التالية :
1- إن الإعتراض ليس وسيلة للتحسين فحسب ، وليس حشوا يمكن الإستغناء عنه ، بل إذا وقع موقعه المناسب ، كان من مقتضيات النظم ، ومتطلبات المقام ، ولو أسقط من السياق سقط معه جزء أصيل من المعنى .
2- لم يكن من العبث صياغة الجملة في اللغة العربية بأشكال مختلفة ، فلكل صورة هدف ، ولكل تركيب غاية ، وفي ذلك توسع في الأساليب ، ودقة في الأداء والتعبير .
3- إن توظيف الجملة الإعتراضية لتحقيق بعض المعاني التي يريد الأديب التعبير عنها ليس بالأمر الجديد ، فقد عرف تراثنا الأدبي هذه الظاهرة الأسلوبية ، وترددت في أرقى نماذجه وهو القرآن الكريم ، كما تكررت في كلام بلغاء العرب وفصحائهم ، خلافا لمن ادعى قلته ، أو حاول حصره في دائرة الجمل الدعائية .
4- بينت من خلال الأمثلة المضروبة ، أن الإعتراض يقع في أثناء الكلام ، بين جملتين متصلتين لفظا أو معنى ، لا بعد تمامه كما تصور بعض البيانيين والمفسرين .
وختام ما أرجوه : أن يكون هذا البحث جديرا بإثارة القارئ وحفزه إلى النظر والتأمل في أسرار وبلاغة الكلمة ، والجملة القرآنية . فإن وفقت إلى ما أردت فذلك فضل من الله ، وإن كانت الأخرى فحسبي أنني لم أخطئ القصد ، ولم أبخل بالجهد ، الذي أرجو أن يكون بريئا من الزيف ، خالصا للحق ، عز سلطانه .
الهوامش
1. الكلام المرسل : هو الكلام الذي يطلق إطلاقا ، ولا يقطع أجزاء من غير تقيد بقافية أو غيرها ، وهو قسيم السجع . انظر :د.محمد سمير اللبدي : معجم المصطلحات النحوية والصرفية . ص: 217 .
2. - عثمان بن جني ( 392هـ) .: الخصائص ، تحقيق : محمد على النجار ، ط4، 1990م ، دار الشئون الثقافية ، بغداد . ج1/ ص30
3. - يعيش بن علي بن يعيش ( 643هـ) : شرح المفصل . ج1/ ص 20.
4. - المرجع السابق : ج1/ ص21.
5. - ابن عقيل عبد الله بهاء الدين عبد الله ، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك .ج1/ ص14 . وابن هشام الأنصاري ( 761هـ) أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك . ج1ـ ص 11. :
6. - سورة الأعراف ، آية / 193 .
7. - الفراء : معاني القرآن . ج2/ ص 195
8. - ابن هشام الأنصاري : مغني اللبيب . ص / 490 .
9. - ابن هشام الأنصاري : قواعد الإعراب .ج1/ ص25
10. - ابن منظور المصري : لسان العرب . مادة : جمل .
11. - أحمد بن فارس : معجم مقاييس اللغة ، مادة جمله .
12. - سورة الفرقان : آية / 132 .
13. - عثمان بن جني : الخصائص ( مرجع سابق ) ج1/ ص18
14. - عبد القاهر الجرجاني : الجمل . ص 40 .
15. - رضي الدين محمد بن الحسن الاسترباذي : شرح الرضي على كافية ابن الحاجب ، ج1/ ص8 .
17. - الشيخ مصطفى الغلاييني : جامع الدروس العربية ، ج3/ ص286 .
18. - انظر : أحمد قبش : الكامل في النحو والصرف والإعراب . ص 222. والسيوطي : الأشباه والنظائر في النحو ( مرجع سابق ) ج2/ ص16-21 ، وابن هشام : المغني : ( مرجع سابق ) ص 536 ، 588 . وبدر الدين حسن بن قاسم المرادي : رسالة في جمل الإعراب . ص17 .
19. - انظر : المرادي : رسالة في جمل الإعراب ( مرجع سابق ) ص 26 ، وابن هشام الأنصاري : مغني اللبيب ( مرجع سابق ) ص 536 .
20. - انظر : د. منى الياس : دراسات نحوية . ص 12 .
21. - نقلا عن : د. نعيم الحمصي : فكرة إعجاز القرآن منذ البعثة النبوية حتى عصرنا الحاضر ، مع نقد وتعليق . ص95.
22. - انظر : مصطفى صادق الرافعي : إعجاز القرآن والبلاغة النبوية . ص 281-282 .
23. - سورة البقرة: آية / 127 .
24. - محمود بن عمر الزمخشري : الكشاف . ج1/ ص 361 .
25. - سورة البقرة : آية / 45 .
26. - د. منير سلطان : بلاغة الكلمة . ص 108 .
27. - سورة فاطر : آية / 3 .
28. - انظر : د. فضل حسن عباس : البلاغة فنونها وأفنانها ، علم المعاني . ص 92
29. - للاستزادة انظر : يحيى بن حمزة بن علي بن إبراهيم العلوي اليمني ( 749هـ): الطراز ج2/ ص 25
30. - سورة البقرة : آية / 30 .
31. - سورة البقرة : آية / 274 .
32. - سورة آل عمران : آية / 17 .
33. - د. فاضل صالح السامرائي : التعبير القرآني ( مرجع سابق ) ص 30 .
34. - سورة الأنعام : آية / 95 .
35. - سورة آل عمران : آية / 27 .
36. - د. فاضل صالح السامرائي : التعبير القرآني ( مرجع سابق ) ص/ 25 .
37. -محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي : مختار الصحاح ، ( مادة عرض ) ص 425 .
38. - أحمد بن فارس : الصاحبي . ص 209 .
39. - انظر : ابن جني : الخصائص ( مرجع سلبق ) ج1/ ص 335 . وانظر : ابن هشام الأنصاري : المغني ( مرجع سابق ) ص 506 .
40. - الزركشي : بدر الدين محمد بن عبد الله ( 794هـ) : البرهان في علوم القرآن . ج3/ ص 62 .
43. - جلال الدين محمد عبد الرحمن القزويني : التلخيص في علوم البلاغة . ص 233
44. - القزويني : الإيضاح في علوم البلاغة : شرح وتعليق د. محمد عبد المنعم خفاجي ،. ص 219 ، 220 .
45. - جمال محمود أحمد أبو حسان : تفسير ابن عاشور ، التحرير والتنوير _ دراسة منهجية ، ( رسالة ماجستير غير مطبوعة ) قدمت لكلية الشريعة الأردنية عام 1991م . ص 378 .
46. - الزمخشري : الكشاف : ج1/ ص 262 . وانظر : د. محمد حسين : البلاغة القرآنية في تفسير الزمخشري وأثرها في الدراسات البلاغية . ص 387 .
47. - سورة النساء : آية / 125 .
48. - الزمخشري : الكشاف . ج1/ ص301 .
49. - شهاب الدين محمود الآلوسي البغدادي : روح المعاني . ج5/ ص 154 .
50. - سعد الدين التفتازاني : المطول على التلخيص . ص 299 .
51. - ديوان كثير ، ج1/ ص150 .
52. - أبو علي الحسن بن رشيق القيرواني : العمدة في محاسن الشعر وآدابه .ج1/ ص 636 .
53. - ابن سنان الخفاجي الحلبي : سر الفصاحة . ص137، 138.
54. - يوسف بن أبي بكر محمد بن علي السكاكي : مفتاح العلوم . ص 428 .
56. - ابن الأثير : المثل السائر ( مرجع سابق ) ج3/ ص47 .
57. - ابن الأثير : المثل السائر ( مرجع سابق ) ، ج3/ ص48 .
58. - صفي الدين الحلي : شرح الكافية البديعية ، ص/ 320-321 .
59. - علي صدر الدين بن معصوم المدني : أنوار الربيع في أنواع البديع . ج3/ ص 52 ، و ج5/ ص 136 .
60. - سورة البقرة ، الآيتان : 19، 20 .
61. - انظر : الشهاب الخفاجي : أحمد بن عمر ، حاشية الشهاب المسماة : عناية القاضي وكفاية الراضي . ج1/ ص 402 . ومحمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي : تفسير البحر المحيط . ج1/ ص 87 . و د. محمد السيد الطنطاوي : التفسير الوسيط للقرآن الكريم . ج1/ ص 85 . ومحمد الطاهر بن عاشور : تفسير التحرير والتنوير ، ج1/ ص 319- 321 .
62. - سورة الممتحنة : آية / 10 .
63. - انظر : ابن عاشور : تفسير التحرير والتنوير ( مرجع سابق) ج28/ ص156 . وشهاب الدين محمود الآلوسي : روح المعاني ، ج 28 / ص 75-76 .
64. - سورة محمد : آية / 2 .
65. - الآلوسي : روح المعاني ( مرجع سابق ) ج26/ ص 37 .
66. - ابن هشام الأنصاري : مغني اللبيب ( مرجع سابق ) ص 441 . وانظر : محمد طاهر الحمصي : الجملة بين أهل النحو والمعاني . ص 338 .