الدولة : المزاج : عدد المساهمات : 2362 تاريخ التسجيل : 06/05/2011الموقع : سوريا لايÙ
الاوسمة :
موضوع: تحوّل صيغة (مفعول) إلى صيغة (فاعل)وقيمته البلاغية السبت يوليو 16, 2011 12:13 am
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
تحوّل صيغة (مفعول) إلى صيغة (فاعل)وقيمته البلاغية:
قد يأتي (فاعل) ويُراد به (مفعول) إذا أُريد المبالغة في الوصف كقوله تعالى:﴿لاعَاْصِمَ الْيَوْمَ من أَمْرِ اللهِ. ﴾. أي لا أحد مَعْصُومٌ من أمر الله.وكقوله تعالى: ﴿"فَلْيَنْظُرِ الإنسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِق من مَاءٍ دَافِقٍ.. ﴾ فدافق، معناه: مدفوق، أي: مصبوب، فحوِّل (مفعول) إلى (فاعل) لأنّه أبلغ وأمكن في الوصف من (المفعول) فالدافق أَبلغُ (من المدفوق) فقد جعله كأنّه الفاعل، لأنّ العرب إذا أرادوا المبالغة في وصف الشيء جاؤوا بـ (فاعل) بدل مفعول ومنه قول الحطيئة في هجاء الزّبرقان بن بدر: دَعِ المكارمَ لا تَرْحَلْ لِبغيتِهـا ::::واقْعُدْ فإنّك أَنْت الطّاعم الكاسي
أي: المطعوم المكسّو، ومثله قولهم: (الحافرة) فقد جعلها بمعنى الأرض التي تُحْفَرُ فيها قبورهم، فسّماها (الحافرة) والمعنى (المحفورة) لأنّ الأرض لا تَحْفِرُ، بل تُحْفَرُ، فهي (مفعولة) في معنى (فاعلة) لفظاً، كالراضية بمعنى المرضيّة، كقوله تعالى:﴿"فأمّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ. فَهُوَ في عِيْشةٍ راضيةٍ﴾ فراضية، نعت للعيشة، (فاعلة) ها هنا بمعنى (مفعولة)ومعناه، في عيشةٍ مَرْضيةٍ، لأنّ أهلها يَرضَوْن بالعيش في دار الخلود، فالقوم راضُون العيش، مَرْضي.وقد يأتي (فاعل)، ويراد به (مفعول)، إذا أريدُ المبالغة في الوصف تقول العربما بها صَافرُ..)، أي: مَصْفُورٌ به. فقد نقل عن أبي عبيدة (ت 210)هـ والأصمعي (ت 216هـ) أنهّما يجعلان معناه (ما في الدّار أَحَدٌ يُصْفُر به ...)، وهذا ما جاء على لفظ (فاعل)، ومعناه (مفعول به) أي: مَصْفُورٌ به. ومنه قول الشاعر: خَلَتِ المنازلُ ما بِهَـا ممّـا:::: عَهَـدْتُ بِهُـنّ صَافِـرٌ
ومنهم مَنْ يجعله بمعنى (أحد)، فيكون معنى المثل: (ما بها ديّارٌ). ولكنّ المعنى الأوّل أقرب من المعنى الثاني، ويُفهم ذلك من قصّة المثل، أي: ما بها مصفورٌ به، كما قالوا: (أَجْبَنُ مِنْ صَافِرٍ ) قيل: إنّ الصّافر كُلُّ ما يَصْفِر من الطيور، وقيل: إنّه طائر يتعلق من الشجر برجليه، وينكس رأسه، ويظلّ يصفر طوال ليله لكي لا ينام، فيسقط من الشجرة. ولكنّ حمزة الأصبهاني (ت 351هـ) نقل عن ابن الأعرابي أنهّم أرادوا بالصافر، المصفور به، ولكنّ المعنى الأول هو الأقرب، وإنمّا يُعْدَل عن المفعول إلى الفاعل لغرض المبالغة في الوصف، فهم يقولون: سرّ كاتمٌ، وليل نائم، وعيشةٌ راضية، إذا أرادوا المبالغة في الكتمان، والسكون والرّضا، وقد علّل الفراء(ت 207هـ) تحوّل (مفعول) إلى (فاعل) تعليلاً لهجيّاً بقوله:إنّ أهل الحجاز أفعل لها من غيرهم أن يجعلوا (المفعول)(فاعلاً)إذا كان في مذهب نعت، كقول العرب: هذا سرُّ كاتِمٌ، وهمٌّ ناصبٌ، وليل نائمٌ، وعيشة راضية، أي:مرضيّة، فأقيم الفاعل مقام المفعول، وقد ذكر السيوطي (ت 911هـ)، أنّ فاعلاً( )جاء بمعنى (مفعول) في خمسة أحرف هي: ترابٌ سافٍ، وعيشةٌ راضية، وماءٌ دافقٌ. و سرُّ كاتِمٌ، وليلٌ نائِمٌ، ولكنّها في الحقيقة أكثر من ذلك.