السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
الأحرف المشبّهة بالفعل (1)
الأحرف المشبّهة بالفعل هي: [ إنّ و أنّ (للتوكيد)، كأنّ (للتشبيه)، لكنّ (للاستدراك)، ليت (للتمنّي)، لعلّ (للترجّي)، لا (لنفي الجنس)]. ولكلٍّ منها أحكام خاصّة تُذكر معها في موضعها من قسم الأدوات.
أحكامها العامة:
¨ تدخل على المبتدأ والخبر ، فتنصب الأوّل، ويسمّى اسمها، وترفع الثاني، ويسمّى خبرها، نحو: [ إنّ خالداً مسافرٌ، لكنّ زهيراً مقيمٌ].
¨ يمتنع تقديم أخبار هذه الأحرف على أسمائها، إلاّ أن يكون الخبر شبه جملة فيجوز، نحو: [ إنّ في الرياضة نشاطاً] (2).
¨ إذا اتصلت بها [ما] كفَّتها عن العمل، فعاد الكلام مبتدأً وخبراً، نحو: [ إنما أنت بَشَر].
¨ إذا عطفتَ على أسماء هذه الأحرف نصبتَ المعطوف فقلت مثلاً: [ إنّ سعيداً وخالداً مسافران. ولعلّ سعيداً مسافرٌ وخالداً] (3).
¨ تُخفَّف أربعة أحرف منها هي: [إنَّ وأنَّ وكأنَّ ولكنَّ]، فيقال: [ إِنْ و أنْ و كأنْ و لكنْ]، فتُهمَل عندئذٍ فلا تعمل.
الاختصاص
هو نَصْبُ اسمٍ بفعل محذوف تقديره: [أعني أو أخُصّ]، ويسمون الاسم المنصوب: [المخصوص]، اصطلاحاً. ويُؤتَى به بعد ضمير المتكلمين، ليبيّن المرادَ منه. كقولنا: [ نحن - العربَ - أُباةُ الضَّيْم] (1).
ثمّ إمّا أن يكون الاسم المخصوص معرَّفاً بـ [ ألـ]، كما جاء في المثال المذكور آنفاً، أو مضافاً إلى معرفة، نحو: [ إنّنا - أبناءَ يَعْرُب (2) - أفصحُ الناس لساناً ] .
* * *
نماذج فصيحة من الاختصاص
· قال عمرو بن الأهتم:
إنّا - بني مِنْقَرٍ - قومٌ ذوو حسبٍ ****** فينا سَراةُ بني سَعْدٍ ونادِيْها
[بني]: اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني بني منقر] وهو معرفة بإضافته إلى معرفة، أي: [منقر]. وقد أُتِي به بعد ضمير المتكلمين: [نا]، فأزال غموضَه، وبيَّن المراد منه.
· مِن أمثلة الاختصاص المشهورة المتداولة، قول النحاة:
[ نحن - العربَ - نكرم الضيف].
وكلمة: [العرب] هاهنا اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني العربَ]، وهو معرَّف بـ [ألـ]. وقد أُتِي به بعد ضمير المتكلمين: [نحن]، فأزال غموضه، وبيَّن المراد منه.
· قال البحتريّ:
نحن - أبناءَ يَعْرُبٍ - أَعْرَبُ النا **** سِ لِساناً وأَنْضَرُ الناسِ عُودَا
[أبناء]: اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني أبناءَ يَعْرُب]، وهو معرفة بإضافته إلى معرفة، أي: [يعرب]. وقد أُتِي به بعد ضمير المتكلمين: [نحن]، فأزال غموضه، وبيَّن المراد منه.
· قال رؤبة ابن العجّاج، وهو من بني تميم:
بنا - تميماً - يُكشَفُ الضَباب
[تميماً]: اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني تميماً]، وقد أُتِي به بعد ضمير المتكلمين: [نا]، فأزال غموضه، وبيّن المراد منه.
وتميم هو: ابن مُرّ... ابن مُضَر. فهو إذاً علَمٌ نُسِبت إليه قبيلة. وليست علميّتُه مرادةً في البيت، وإنما المراد قبيلةُ تميم، أو: بنو تميم، ثم حذف المضاف. ومن هنا أنهم يقولون: جاءت تميم، وحاربتْ تميم، وهُزمت تميم... ولا يقولون جاء تميم وحارب تميم وهُزم تميم!! وإنما توقفنا هاهنا فتلبّثنا لنبيّن أنّ العَلَم لا يُنصَب على الاختصاص، وأنّ الشاعر لم ينصب هذا الاسم إذاً على أنه علَم، بل نصبه على أنه مضافٌ إليه، حُذِف المضاف قبله.
· قال الشاعر:
إنّا - بني ضَبَّةَ - لا نَفِرُّ
[بني]: اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني بني ضَبَّة]، وهو معرفة بإضافته إلى معرفة، أي: [ضبّة]. وقد أُتِي به بعد ضمير المتكلمين: [نا]، فأزال غموضه، وبيّن المراد منه.
· إنّا معاشرَ الأنبياء فينا بَكْءٌ (أي: قلَّةُ كلام):
حديث أورده الرضيّ في شرح الكافية 1/432، وفيه نصْبُ كلمة: [معاشر]، على أنها اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني معاشرَ الأنبياء]، وهو معرفة بإضافته إلى معرفة، أي: [الأنبياء]. وقد جاء بعد ضمير المتكلمين: [نا]، فأزال غموضه، وبيّن المراد منه. ومثل ذلك طِبقاً، قولُ الشاعر:
لنا - معشرَ الأنصار - مجدٌ مؤثَّلٌ ***** بإرضائِنا خيرَ البَرِيةِ: أَحْمَدا
· قال الشاعر:
أبَى الله إلاّ أنّنا - آلَ خِندِفٍ - ***** بنا يَسْمَعُ الصوتَ الأنامُ ويُبصِرُ
[آلَ]: اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني آلَ خندف]، وهو معرفة بإضافته إلى معرفة، أي: [خندف]. وقد أُتِي به بعد ضمير المتكلمين: [نا]، فأزال غموضه، وبيّن المراد منه. ومثلُ ذلك الحديث: (إنّا - آلَ محمّدٍ - لا تحِلّ لنا الصدقة).
· قال بَشامةُ ابن جَزْءٍ النَهشَليّ:
إنّا - بني نَهْشَلٍ - لا ندّعي لأبٍ ****** عنه، ولا هو بالأبناء يَشْرِينا
[بني]: اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني بني نهشل]، وهو معرفة بإضافته إلى معرفة، أي: [نهشل]. وقد أُتِي به بعد ضمير المتكلمين: [نا]، فأزال غموضه، وبيّن المراد منه.