ومن حديقة الشعر أقطف لكم هذه الأبيات التي تتجلّى فيها الحِكمَة وحُسن البيان :
* الحقُّ يعلو والأباطِلُ تَسفُلُ .... والّلهُ عن أحكامهِ لا يُسأَلُ
والأمرُ فيما كانَ أو هو كائنٌ .... كالعِلَّةِ القُصوى فكيفَ يُعَلّلُ
* والنّارُ أوّلُ ما تكونُ شرارةٌ .... والغَيثُ بَعدَ رذاذهِ يَستَرسِلُ
* شاوِرْ إذا الشورى دَعَتكَ أولي النُّهى .... فخِطابُ غَيرِ أولي النُّهى لا يَجمُلُ
* وعليكَ بالتّقوى وبالخُلق الذي .... يُنهي النّفوسَ عن القبيحِ ويعذِلُ
** لِسانُ الفتى نِصفٌ ونِصفٌ فؤادُهُ ... فلم يَبقَ إلّا صورةَ الّلحمِ والدّمِ
* صَحِبَ الناسُ قَبْلَنا ذا الزّمانا ... وعَناهم مِن شأنِهِ ما عَنانا
* كُلُّ ابنِ أنثى وإنْ طالَت سلامَتُهُ ... يَوماً على آلَةٍ حَدباءَ مَحمولُ
* الصّمتُ زَينٌ والسكوتُ سلامَةٌ ... فإذا نطَقتَ فلا تَكُن مِكثارا
فلئنْ ندِمتُ على سكوتٍ مرَّةً .... فلقد ندِمتُ على الكلام مِرارا
* إذا العَينُ باتَتْ وهي عَيْنٌ على الجَوى ... فلَيسَ بِسِرٍّ ما تُسِرُّ الأضالِعُ
* وليسَ أخو الحاجاتِ مَن باتَ نائماً ... ولكنْ أخوها مَن يَبيتُ على وَجَل
* المرءُ إنْ كان عاقِلاً ورِعاً ... أشغَلهُ عن عيوب غَيرهِ ورَعُهْ
كما العليلُ السّقيمُ أشغَلَهُ .... عن وجَع الناس كُلِّهم وجَعُهْ
* حُبُّ الأديب على الأديب فريضَةٌ ... كمحَبّة الآباء لِلوِلدانِ
لا شيءَ أحسَنُ منهما في مجلِسٍ ... يتَناثَرانِ جَواهِرَ بِلِسانِ
** إذا المَرءُ لم يطلُب مَعاشاً لِنَفسِهِ ... شَكا الفَقرَ أو لامَ الصّديقَ فأكثَرا
فَسِرْ في بلادِ الّلهِ والتَمِسْ الغِنى .... تَعِشْ ذا يَسارٍ أو تَموتُ فَتُعذَرا
** أُحب معاليَ الأخلاق جَهدي ... وأكرَه أنْ أعيبَ وأن أُعابا
ومَن هابَ الرّجالَ تهَيّبوهُ .... ومَن حقّرَ الرّجالَ فلَن يُهابا
* لو كنتُ أعجَب من شيء لأعجبني .... سَعيُ الفتى وهو مَخبوءٌ له القدَرْ
يسعى الفتى لأمورٍ ليس يُدرِكُها ... فالنَّفسُ واحِدةٌ والهَمُّ مُنتَشِرْ
والمرءُ ما عاشَ مَمدوداً لهُ امَلُ ... لا تنتهي العَينُ حتى ينتَهي الأثَرُ
** إذا أنت لم تحفَظ لِنَفسكَ سرَّها ... فسِرُّك عندَ الناسِ أفشَى وأضيَعُ
* ما عاتَبَ المَرءَ الكريمَ كنَفسِهِ ... والمِرءُ يُصلِحُهُ الجليسُ الصّالِحُ
*ما الجودُ عن كثرةِ الأموالِ والنّسَبِ ... ولا البلاغَةُ في الإكثارِ بالخُطَبِ
ولا الشجاعةُ عن جِسمٍ ولا جَلَدٍ ... ولا الأمانةُ إرثٌ عن أبٍ فأبِ
لكنّها هِمَمٌ أدّتْ إلى نَجَحٍ .... في كُلّ ذاكَ بِطَبْعٍ غَيرِ مُكتَسَبِ
* رَوِّحْ فؤادَكَ بالرِّضا ... تَرجِعْ إلى رَوْحٍ وطيبْ
لا تَيأسَنَّ وإنْ ألَحَّ ... الدّهرُ مِن فَرَجٍ قريبْ
* تأتي أمورٌ فلا تَدري أعاجِلَها ... خَيرٌ لنَفسكَ أمْ ما فيه تأخيرُ
فاستَقدِرْ الّلهَ خَيراً وارضَيَنَّ بهِ ... فبَينَما العُسرُ إذا دارَتْ مَياسيرُ
ومن حكم الشافعي نقطِف أجمَل الكَلِم :
* دع الأيام تفعَل ما تشاءُ ... وطِبْ نَفساً إذا حكمَ القضاءُ
* ولا تجزَع لحادِثة الليالي ... فما لحوادِث الدّنيا بقاءُ
* ولا تُرِ للأعادي قطُّ ذُلّاً ... فإنّ شماتةَ الأعداء بلاءُ
* ولا تَرجُ السّماحة من بخيلٍ .. فما في النار للظّمآن ماءُ
* ولا حزنٌ يدومُ ولا سرورٌ ... ولا بؤسٌ عليك ولا رخاءُ
* ومَن نزلَت في ساحته المَنايا .. فلا أرضٌ تقيه ولا سماءُ