السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله المتفرد بجلال الأحدية، والصلاة على نبيه محمد سيد البرية، وعلى آله وصحبه وعترته الطاهرة الزكية، وبعد؛ فقد ذكرت في هذا المختصر بلغةً في الفرق بين المذكر والمؤنث، على سبيل الاختصار، فالله تعالى ينفع به، إنه كريم غفار.
أعلم أن المذكر أصل للمؤنث، وهو ما خلا من علامة التأنيث، لفظاً وتقديراً، وهو على ضربين: أحدهما حقيقي، والآخر غير حقيقي.
فأما الحقيقي، فما كان له فرج الذكر؛ نحو: الرجل والجمل. وأما غير الحقيقي، فما لم يكن له ذلك؛ نحو: الجدار والعمل. والمؤنث ما كانت فيه علامة التأنيث، لفظاً أو تقديراً، وهو على ضربين حقيقي وغير حقيقي.
فأما الحقيقي، فما كان له فرج الأنثى؛ نحو المرأة والناقة.
وأما غير الحقيقي، فما لم يكن له ذلك؛ نحو: القدر والنار. وهو. أيضاً على ضربين: أحدهما مقيس، والآخر غير مقيس.
فأما المقيس، فما كان فيه علامة التأنيث لفظاً، وعلامة التأنيث على ضربين: أحدهما ألف، والآخر تاء، فأما الألف، فعلى ضربين: أحدهما ألف مقصورة؛ نحو: حبلى وبشرى. والآخر ألف ممدودة؛ نحو حمراء وصحراء. وأما التاء؛ فنحو: ضاربة وذاهبة.
وأما غير المقيس، فما لم يكن فيه علامة التأنيث لفظاً، وإن كانت فيه تقديراً، وقد جاء ذلك في كلامهم كثيراً؛ فمن ذلك السماء التي تظل الأرض، مؤنثة. قال الله تعالى: "والسماء وما بناها". والأرض التي تظلها السماء، مؤنثة. قال الله تعالى: "والأرض وما طحاها". فأما قول الشاعر:
فإنما قال: أبقل بالتذكير؛ لأن تأنيث الأرض غير حقيقي، وليس في اللفظ علامة تأنيث، فصار بمنزلة غير مؤنث. وهذا النحو يجئ في الشعر خاصة، فلا يدل على التذكير.
والشمس مؤنثة. قال الله تعالى: "والشمس تجري لمستقر لها". فأما قوله تعالى: "وجمع الشمس والقمر"، فإنما ذكر؛ لأن تأنيثهما غير حقيقي، وإذا كان المؤنث تأنيثه غير حقيقي، جاز تذكير فعله وتأنيثه، إذا تقدم عليه؛ نحو: حسن دارك واضطرام نارك وحسنت دارك واضطرمت نارك، وما أشبه ذلك.
والنفس مؤنثة. قال الله تعالى: "أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله". فأما قوله في الجواب: "بلى قد جاءتك آياتي" بالتذكير، فحمله على المعنى؛ لأن النفس في المعنى إنسان؛ كقول الشاعر:
فقال: ذا غربة، ولم تقل ذات غربة؛ لأن المرأة في المعنى إنسان.
وزعم بعض النحويين أن النفس تذكر وتؤنث، فلا يكون الكلام محمولاً على المعنى.
والأذن مؤنثة. قال الله تعالى: "وتعيها أذن واعية". جاء في الحديث أنه لما نزلت هذه الآية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم اجعلها أذن علي". قال ابن عباس رضي الله عنه: "فكان علي رضي الله عنه أوعى الناس" أي أحفظهم.
والساق مؤنثة. قال الله تعالى: "والتفت الساق بالساق".
والقدم مؤنثة. قال الله تعالى: "فتزل قدم بعد ثبوتها".