قصة أصغر قاتلة في بريطانيا
تهوى التعذيب والتشويه أصغر قاتلة في تاريخ بريطانيا قضيتنا لهذا
الأسبوع قد تتجاوز حدود المعقول لدى الكثيرين، لكنها حقيقة مفجعة حدثت في عالمنا
الحالي.. حقيقة يصعب تصديقها كما يصعب استيعابها، فكل ما هو خارج عن المعروف لا
يمكن لعقل الإنسان الطبيعي أن يصدقه، لكن قضيتنا التي سنتحدث عن تفاصيلها واقعة
حقيقية حدثت في ستينيات القرن بمدينة أكسفورد البريطانية التي أنجبت أصغر قاتلة
متسلسلة في العالم.. قاتلة لم تتجاوز في عمرها الـ 11 سنة تقوم بقتل ضحيتين
بريئتين وقتلت بجريمتيها البراءة المشهودة للطفولة الخالصة من كافة المكائد
والسواد المعتم لأخلاق الكبار فطمست تلك البراءة إلى الأبد في نفوس البريطانيين
وبخاصة سكان أكسفورد الذين لم يستيقظوا حتى الآن من فاجعة قاتلة الأطفال. ولادة البذرة
المميتة ماري بيل ولدت في السادس والعشرين من مايو سنة 1957م بمدينة نيوكاسل وعاشت
في كنف عائلة متفككة حيث إن أمها وتُدعى بيتي بيل امتهنت الدعارة كدخل رئيس لها
وغالباً ما كانت تغيب عن بيتها وابنتها عدة أيام كما كانت مدمنة في تعاطي المخدرات
بأشكالها، ونأتي للأب بيلي بيل السارق الشهير في المدينة الذي غالباً ما كان يأخذ
إجازات طويلة عن المنزل نظراً لمهنته غير الشرعية التي تتطلب كثيراً مراقبة
الأماكن التي سيهجم عليها لأيام عدة.. الأم والأب في مهنتيهما المحرمة كانا يغيبان
طويلاً عن المنزل وهذا كان أحد أسباب عدم ارتباطهما وتعارفهما مع العائلات
المجاورة لمنزلهما في الحي.. وغالباً ما كانت ماري بيل تمسي الليالي الطويلة في
المنزل لوحدها وهو المنزل الذي وصفه أحد المحققين في القضية الذي وكلت له ولفريقه
مهمة تفتيش المنزل (المنزل لا يمكن أن ترى فيه إشارة للحياة سوى نباح الكلب
المتواصل في الحديقة الخلفية للمنزل فألوانه باهتة وموحشة).. هذه كانت نشأة وتربية
ماري بيل التي أرعب اسمها ملايين من الإنجليز في فترة من الفترات. مشاهدة الألم
إحدى هواياتها المفضلة بعد كشفنا للبيئة التي عاشت فيها هذه الطفلة الصغيرة سنعرض
أبرز مواصفاتها وشخصيتها الغريبة فقد كانت شديدة الذكاء بشكل أخاف الكثيرين خلال
سير التحقيق في القضية فقد كانت تجيد تقمص الشخصيات والمشاعر المختلفة كما كانت
تجيد المناورة وعرض القصص المختلفة التي حُبكت بشكل احترافي لكثير من جرائمها..
كما أن ماري كانت تحب تعذيب الكائنات العاجزة وقد علقت على ذلك بقولها: (أحب تعذيب
كل ضعيف حيث إنني أستمتع دون أن أجد مقاومة تعكر عليَّ صفو ما أقوم به)، هي بالفعل
مخيفة فعلى الرغم من شعرها الأسود وعينيها الزرقاوين إلا أنك عند التدقيق فيهما
ستجدهما مسلوبتين من الحياة من براءة الطفولة كأنك تنظر داخل بئر لا قرار له..
قاعه أسود وتتساءل عن مدى عمقه يا ترى وهل سيقف عمقه عند حد معين أم أن هذا السواد
سيستمر بحيث لا أمل لمن يسقط فيه في مشاهدة شروق شمس الحياة من جديد.. كثير من
الأسئلة دارت حول هذه الطفلة النابغة التي حيرت الكثير من الأطباء النفسيين الذين
قاموا بتشخيص حالتها ليكتشفوا بأنهم يتعاملون مع شخصية عبقرية تعاني من مشكلات
نفسية عويصة على الرغم من أن الكثيرين متيقنون من أنها تلاعبت بالأطباء أنفسهم حتى
أقنعتهم بمرضها المزعوم.. لكن ماذا فعلت هذه الطفلة حتى أصبحت واحدة من أكثر
الشخصيات المكروهة في بريطانيا.
جريمة تكشف الكثير من الحقائق في الخامس والعشرين من
مايو سنة 1968م اكتشفت جثة تعود لطفل صغير اسمه مارتن براون ملقاة بجانب نافذة قرب
المنطقة الصناعية التي غالباً ما يلعب فيها أبناء الحي حيث يجدون الكثير من الخردة
الصناعية كالسيارات والقوارب والمحركات القديمة وعلى الرغم من تحذيرات الأهالي إلا
أن هذا المسرح كان ساحة اللعب المفضلة لكثير من الأطفال.. الجثة وجدت ملقاة على
جانبها دون وجود آثار تدل على أنها قضية جنائية فاعتبرتها شرطة المدينة حادثاً
عرضياً ذهب ضحيته هذا الطفل المسكين.. وفي الحادي والثلاثين من شهر يوليو من العام
نفسه اكتشفت جثة تعود لطفل في السنة الثالثة من عمره اسمه براين هوو وقد وجد مشوهاً
بعد أن تمّ خنقه حتى الموت.. والعجيب في الأمر أن أخت الضحية وتُدعى بات هوو كانت
تبحث عن شقيقها فوجدت ماري بيل مع صديقتها نورما بيل اللتين لا تربطهما أي صلة
قرابة يلحان بشدة على أن يبحثا معها عن مكان اختفائه.. وتقول أخت المجني عليه
بأنهن قاداها إلى نفس المكان الذي تمَّ فيه اكتشاف الجثة، لكن تهاونت من الذهاب
إليه متوقعة بأنه أبعد من أن يصل أخوها إليه لوحده.. كما أن الأسئلة الكثيرة
والغريبة التي كانت تطلقها ماري شككتها كثيراً حيث تقول: (ظلت ماري تردد على مسمعي
الكثير من الأسئلة الغريبة مثل: هل تحبين أخاك؟ هل ستفتقدينه إذا لم يستطع أن يعود
إليك؟).. وبعد الاكتشاف الرهيب لجثة الطفل وجد بجانبه العديد من الأدلة الغريبة
كمقص للشعر وأحد أطرافه لم تكن مستوية كما وجد شعره مقصوصاً وقد رسم على بطنه حرف (N) بالإنجليزية
وكان أحدهم قد عاد وعدّل الحرف إلى الحرف (M) وهو ما جعل المحققين يتوقعون أن
ماري كتبت الحرف الأول لتوقع بصديقتها نورما التي يرجح أنها قامت بتغيير الحرف في
اللحظة الأخيرة. القبض والاعترافات ظل المحققون تائهين مع ماري بعكس نورما التي
اتهمت صديقتها ماري بيل بتدبير كافة المسائل وبأنها قامت بارتكاب كافة الجرائم،
إلا أن المحققين عجزوا عن أخذ اعتراف من الطفلة ماري التي انفجرت أخيراً، لكن
باتهامها لنورما بأنها هي المدبرة للمسألة بأكملها.. لكن المحققين كانوا متيقنين
من أن ماري هي الفاعلة حيث إنها كانت تتمتع بالشخصية الأقوى وكذلك عدم تخوفها من
مجريات التحقيق ولا حتى من لحظة القبض عليها.. وفي مراسم جنازة براين هوو شاهد أحد
المحققين الذي كُلف بمراقبة ماري بيل ابتسامة خبيثة على شفتيها وهي تربت على يديها
فصدم لهذا المنظر وقال: (يا إلهي لا بد وأن نقبض عليها في أقرب فرصة قبل تكرار
جريمتها).. وفي المحاكمة التي لم تستمر سوى تسعة أيام حُكم على ماري بيل بالسجن
المؤبد قضت بدايته في إحداثية خاصة قبل أن تنتقل من سجن البلوغ لسجن نسائي متخصص
خضعت خلال الفترة بأكملها لعلاج نفسي مكثف وبرأت ساحة صديقتها نورما من جميع
الجرائم على اعتبار أن ماري كانت المنفذة وصاحبة الأفكار في كافة الجرائم.. وفي
العام 1980م وفي سن الثالثة والعشرين أطلق سراح ماري بيل التي كانت قد سبق لها
الهروب لفترة بسيطة من السجن تورطت خلالها في علاقة غرامية أنجبت منها ابنتها التي
كانت تبلغ الرابعة من العمر عند إطلاق سراحها وقد تعرضت للكثير من الضغوطات
والمضايقات بسبب ماضيها الأسود والملطخ بالدم حتى حصلت في العام 2003م على أمر من
المحكمة العليا بإبقاء هويتها وهوية ابنتها خفية عن أعين العامة.. وقد أصدرت
كتاباً بعنوان: (إستغاثات غير مسموعة) ولا تزال حتى الآن تأسف على جرائمها وتؤكد
على أن صديقتها نورما التي برأتها المحكمة كانت لها اليد الطولى في كافة الجرائم.