السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
محاسبة النفس
وعلى العاقل مخاصمةُ نفسه ومحاسبتُها والقضاءُ عليها والإثابةُ والتنكيلُ بها.
أما المحاسبةُ، فيحاسبُها بما لها، فإنهُ لا مال لها إلا أيامُها المعدودةُ التي ما ذهبَ منها لم يستخلف كما تستخلفُ النفقةُ، وما جعل منها في الباطلِ لم يرجع إلى الحق، فيتنبهُ لهذه المحاسبةِ عند الحول إذا حال، والشهر إذا انقضى، واليوم إذا ولى، فينظر فيما أفنى من ذلك، وما كسب لنفسهِ، وما اكتسب عليها في أمرِ الدينِ وأمرِ الدنيا. فيجمعُ ذلك في كتابٍ فيه إحصاءٌ، وجدٌ، وتذكيرٌ للأمورِ، وتبكيتٌ للنفسِ وتذليل لها حتى تعترفَ تذعن.
وأما الخصومةُ، فإن من طباعِ النفسِ الآمرةِ بالسوء أن تدعي المعاذير فيما مضى، والأماني فيما بقي، فيرد عليها معاذيرها وعللها وشبهاتها.
وأما القضاءُ، فإنهُ يحكمُ فيما أرادت من ذلك على السيئة بأنها فاضحةٌ مرديةٌ موبقةٌ، وللحسنةِ بأنها زائنةٌ منجيةٌ مربحةٌ.
وأما الإثابةُ والتنكيلُ، فإنهُ يسر نفسهُ بتذكر تلك الحسناتِ ورجاء عواقبها وتأميلِ فضلها، ويعاقبُ نفسه بالتذكر للسيئاتِ والتبشعِ بها والاقشعرار منها والحزن لها.
فأفضل ذوي الألباب أشدهم لنفسه بهذا أخذاً، وأقلهم عنها فيه فترةً.